الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في القضاء والقدر وغيرهما من المتشابه

صفحة 466 - الجزء 1

  ما أرى لي من الأجر شيئاً، فقال #: (بلى قد عظم الله لكم الأجر في سيركم وأنتم سائرون، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين، ولا إليها مضطرين)، فقال الشيخ: وكيف يكون ذلك والقضاء والقدر اللذان ساقانا، وعنهما كان مسيرنا؟ فقال #: (لعلك ظننت قضاءً لازماً وقدراً حتماً، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد، والأمر من الله والنهي، ولما كانت من الله لائمة لمذنب، ولا محمدة لمحسن، ولما كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المسيء، ولا المذنب كان أولى بعقاب الذنب من المحسن، تلك مقالة إخوان الشيطان، وعبدة الأوثان، وخصماء الرحمن، وشهود الزور، وأهل العمى والفجور، وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله أمر تخييراً، ونهى تحذيراً، وكلف يسيراً، ولم يكلف مُجْبِراً، ولا بعث الأنبياء عبثاً، ولا أرانا⁣(⁣١) عجائب الآيات باطلاً {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّارِ}⁣[ص ٢٧])، فقال الشيخ: فما القضاء والقدر اللذان ما وطئنا موطئاً إلا بهما؟ فقال #: (الأمر من الله والإلزام، ثم تلا قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}⁣[الإسراء ٢٣]، فنهض الشيخ مسروراً وهو يقول:

  أنت الإمام الذي نَرجو بِطَاعتهِ ... يوم النشورِ من الرحمنِ رضْوَانَا

  أَوْضَحْتَ من دِيْنِنَا ما كان مُلْتَبِساً ... جَزَاكَ ربُّكَ عَنَّا فِيْهِ إحسانا

  أخو النبي ومولى المؤمنين معاً ... وأول الناسِ تَصْدْيِقَاً وإيمانَا

  وبَعْلُ بنتِ رسولِ الله سَيِّدِنِا ... أكرمْ بهِ وبِها سِرَّاً وإعلانَا

  نفسي الفداءُ لخيرِ الناسِ كُلهمُ ... بَعْدَ النَّبيِّ عَلِي الخَيْر مولانا

  نفى الشكوكَ مقالٌ مِنْكَ مُتَّضِحٌ ... وزَادَ ذَا العِلْمِ والإيمانِ إيمانَا 


(١) في الرواية هنا اختلاف في بعض الألفاظ، انظر الشافي وشرح نهج البلاغة.