الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في القضاء والقدر وغيرهما من المتشابه

صفحة 467 - الجزء 1

  فَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ في فعلِ فَاحِشَةٍ ... يَوْمَاً لِفَاعِلِها ظُلماً وعُدْوَانا

  كلا ولا قَائِلٌ نَاهِيْهِ أَوْقَعَهُ ... فيها عَبَدْتُ إذاً يا قَوْم شيطانَا

  وكتب الحجاج إلى أربعة من جهابذة عصره يسألهم عن القضاء والقدر وهم: الحسن بن أبي الحسن البصري، وواصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وعامر الشعبي رحمهم الله تعالى، فأجابه أحدهم: لا أعرف فيه إلا ما قاله علي #: أتظن أن الذي نهاك دهاك، إنما دهاك أسفلك وأعلاك، والله بريء من ذاك.

  وأجابه الثاني فقال: لا أعرف فيه إلا ما قاله أمير المؤمنين علي #: أتظن الذي فسح لك الطريق لزم عليه المضيق.

  وأجابه الثالث وقال: لا أعرف فيه إلا ما قاله علي #: إذا كانت المعصية من الله حتماً كانت العقوبة عليها ظلماً.

  وأجابه الرابع وقال: لا أعرف فيه إلا ما قاله علي #: ما حمدت الله عليه فهو منه، وما استغفرت الله منه فهو منك. فلما سمع أقوالهم مسندة إلى باب مدينة العلم قال: قاتلهم الله، لقد أخذوها من عين صافية.

  وعنه # أنه سأله رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر. فقال: بحر عميق فلا تلجه، قال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر. فقال: بيت مظلم فلا تدخله.

  قلت: وجوابه # على هذا السائل باعتبار حاله، وإرشاده إلى ما هو الأصلح له، ولعله من العوام الذين إذا ذكر لهم أمير المؤمنين معاني القضاء وعددها لم يعرفوا المراد منها بالنسبة إلى الله تعالى، وإن أخذ يعرفهم لم يفهموا ويتميز لهم المعنى الصحيح من الفاسد، فخوض ذلك السائل والحال ما ذكر كدخول البحر العميق والبيت المظلم، وليس يؤخذ منه التحذير عن معرفتهما، والنهي عن النظر في المعنى الصحيح منهما واتباعه، ومعرفة المعنى الباطل واجتنابه؛ لذلك شبهه بالبحر اللجي والبيت المظلم، وإنما يكون الخطر على من