[فصل:] في الكلام في القضاء والقدر وغيرهما من المتشابه
  دخلهما من دون سفينة منجية، ولا معرفة بالطريق وبمنازل البيت المظلم الذي في بعض منازله مضار، وفي بعض منازله منافع، دون من دخل البحر في السفينة المنجية، أو كان عارفاً بمنازل البيت كصاحبه، فلا خطر في ذلك، بل لا يبعد الوجوب إذا كان لا منجى من الغرق إلا بركوب السفينة، ولا من عدو أو سبع إلا بدخول البيت، فتأمل سرّ كلام باب مدينة العلم صلوات الله وسلامه عليه.
  وعن ابن عباس ®: لئن يمتلي بيتي قردة وخنازير أحب إِلَيَّ من أن يمتلي قَدَرِيَّة.
  وروي أنه لما اختلف علماء البصرة في القضاء والقدر كتبوا إلى سبط رسول الله الحسن بن علي @ يسألونه عن ذلك، فأجاب #: ﷽، من لم يؤمن بالقضاء خيره وشره فقد كفر، ومن حَمَّل ذنوبه على الله تعالى فقد فجر، إن الله لا يطاع باستكراه، ولا يعصى بغلبة، إلى آخر كلامه #، ذكره في الإرشاد الهادي.
  وعن عمر أنه أُتي إليه بسارق فقال له: ما حملك على ذلك؟ فقال: قضاء الله. فقال: لكذبه على الله أعظم من سرقته.
  وعن ابن عمر: «القدرية مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم، وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم»، قيل: من هم يا أبا عبد الرحمن؟ قال: الذين يعملون بالمعاصي ثم يقولون: إنها من الله كتبها عليهم.
  وعن زين العابدين # أنه مُرَّ بسارق على ابن عباس ®، فقال رجل من القوم: نعوذ بالله من قضاء السوء، فغضب ابن عباس وقال: لَقَوْلُكُم فيه أعظم من سرقته، ثم مازال يشنع أقوالهم حتى تابوا.
  وعن الحسن البصري أنه قال: قاتل الله قوماً يزعمون أن الله قدر خطاياهم وبعث محمداً ÷ ينهى عنها. وعنه أيضاً: اللهم العن أنت وملائكتك ورسلك قوماً يعملون بالمعاصي ويزعمون أنها من الله تعالى.