الفلاح والمحنة والنعمة:
الفلاح والمحنة والنعمة:
  والفلاح: هو الظفر بما فيه النفع الخالص عن أن يعقبه شيء من الشر. فلا يقال فيما يمد الله به الظالمين من زهرة الدنيا وزخرفها فلاح (وسواء كان ذلك) الذي يبلوهم به وينزله عليهم (مِحْنَة) كالأمراض والنقائص والجوائح (أو نِعْمَة) كتيسير الأرزاق وسعتها، وطول الأعمار وزيادتها، وتقوية الأبدان وصحتها، وسواء كان ذلك بمؤمن أو كافر أو فاسق، فإن ذلك كله إنعام على من فعل له، وإن عمل الكافر والفاسق بخلاف موجبه، وهو استعمال الأرزاق والأبدان واستغراق الأعمار في طاعة المنعم، وصرف ذلك إلى معاصيه وظلمه وتغلبه على أهل الحق - فإنما أُتي في ذلك من جهة نفسه، ولم يكن الله سبحانه وتعالى بذلك الذي فعله معه فاعلاً مفسدة وإن ترتب وقوعها على حصول شيء منها، إلا إذا قدرنا أنه تعالى أراد إعانته وإغراءه على فعل تلك المعصية، وحاشاه (لأنه تعالى لا يفعل إلا الصواب والحكمة كما تقدم) في أول العدل أنه تعالى لا يفعل القبيح. (فإذا أمرضهم أو ابتلاهم) بخير مما يحبونه من صلاح الثمار وسعة الأرزاق ونحو ذلك، أو شر مما يكرهونه من أضداد ذلك، أو بتكليف، أو بفعل ما يزيد في مشقته، كتمكين العدو من مقاتلتهم، والدليل على أن الكل بلوى قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء ٣٥]، وقوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}[الإنسان ٢]، (أو امتحنهم بفوات ما أعطاهم) كنقص بعض الثمار أو تفويتها بالجوائح والعاهات، أو موت الدواب وشحة الدرور وغير ذلك (فلا بد) في جميع ذلك من حكمة ومصلحة راجعة إلى الخلق.
  وقد اختلف الأصحاب في تعيين تلك الحكمة والمصلحة، فقال جمهور العدلية: لا بد في كل ألم ونحوه من المضار والنقائص (من) أمرين: