[معنى الرب]
  الطبائع، ولا تأثير لها في شيء؛ إذ يُشترط في المؤثر أن يكون قادراً عالماً حياً ضرورة، وبالضرورة أنها ليست بقادرة ولا عالمة ولا حية، وإنما يُحدث الله سبحانه تلك التأثيرات والانفعالات عند وجود شيء من تلك الأجسام وما فيها من الطبائع والخصائص بتأثيره وتدبيره وحكمته بمجرى العادة بمشيئته وإرادته، على وجه إن شاء فعل وإن شاء ترك.
  دليله: أنه قد يتخلف ذلك الأثر في بعض الأحوال مع وجود شيء من تلك الأصول، ألا ترى أن كثيراً من الأراضي يحصل فيها من النباتات(١) والثمار المختلفات ما لا يحصل في الأخرى، وفي بعض فصول السنة ما لا يحصل في الأخر، وبعض النباتات تحصل في فصول السنة على سواء كالكراث ونحوه، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير.
  وكالمنجمة: يضيفون التأثيرات إلى النجوم السبعة، قالوا: وفي كل سماء منها نجم، أعلاها زحل وأدناها القمر، كما قال الشاعر:
  زحلٌ شَرَى مريخَه من شمسِه ... فتزهَّرَتْ بعَطَاردٍ أقمارُ
  وكالثنوية: ينسبون التأثيرات ويضيفونها إلى اثنين، وهما: النور والظلمة، وكل خير فمن النور بطبعه، ولا يقدر على خلافه، وكل شر فمن الظلمة بطبعها، ولا تقدر على خلافه. وكذلك قالت المجوس في يزدان، ويعنون به الباري تعالى، وإهرمن، ويعنون به الشيطان.
  فهذه تفاصيل مقال أهل الإلحاد؛ وإنما تعرضنا لذكرها ليتضح للناظر ويظهر له معنى كلام المؤلف # في الاستدلال على إثبات الصانع تعالى، وبطلان تلك التخيلات الفاسدة، والأوهام الشاردة عن واضح الدليل، والله يهدي إلى سواء السبيل، ولله القائل:
(١) «النبات» نخ.