الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الفرق بين المعجز والسحر]

صفحة 578 - الجزء 1

  منضماً إلى الأول، فلا حاجة إلا الاشتغال بإبطالها كما هو عادة كثير من المؤلفين رحمهم الله تعالى.

  ولنذكر شاهدين من آي الكتاب التي يعلم بها بلوغ القرآن أعلى درجة في الفصاحة:

  أحدهما: قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ٣١ فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} الآيات إلى قوله: {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}⁣[يونس ٣٢ - ٣١].

  الثاني⁣(⁣١): قوله تعالى: {قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ٥٩ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ٦٠ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} الآيات إلى قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}⁣[النحل ٥٩ - ٦٤]، فإن هذه الآيات بلغت من الفصاحة⁣(⁣٢) والبلاغة ما لا يمكن التعبير عنه بألسنة الأقلام، ولا تدرك غوره غويصات الأفهام، حيث تضمنت إخراج الكلام على مقتضى الحال حتى بلغ في المحاججة المبلغ الذي يذعن الخصم وتنقطع حجته، ويقر بالله تعالى وأنه الخالق وحده، فيقال له بعد ذلك: {أَفَلا تَتَّقُونَ}، {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}، ومن حيث جمع في هذا الكلام اليسير جملة أدلة عديدة مفيدة، وأوردها على العبارات التي لا تفتقر إلى تصحيح بإقامة برهان، حتى


(١) قف على ما تضمنه الشاهدان من الفصاحة والبلاغة إجمالاً.

(٢) قف على ما تضمنه الشاهدان من الفصاحة والبلاغة تفصيلاً.