[الفرق بين المعجز والسحر]
  الأمطار وإنبات الأشجار، وعجز جميع المخاطبين عن الإنبات رأساً. وجعل فاصلة الثانية {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} لما كان المذكور فيها يتضمن الحكمة في جعل الأرض قراراً وفي خلالها أنهاراً، وفي جعل الجبال رواسي شامخات، وفي جعل الحاجز بين البحرين ما يحتاج إلى تأمل المصلحة للخلق والإنعام به ما يظهر بأدنى تأمل، لكن أكثرهم لم يتأملوا فلم يعلموا بالحكمة والمصلحة. وجعل فاصلة الثالثة {قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} لما كان المذكور فيها من الحجج، ومن إجابة دعوة المضطر وكشف السوء، وجعل المخاطبين خلفاء في الأرض عمن قبلهم، مَلكهم منازلهم وأورثهم ديارهم وأموالهم - نعمةً عظيمة ومِنَّة جسيمة قَلَّ ما يتذكرونها ويشكرونها. وجعل فاصلة الرابعة {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} لما كان ما ذكر فيها من الحجج من الهداية في ظلمات البر والبحر، وإرسال الرياح منتشرة في الآفاق مبشرة برحمة الملك الخلاق - ينسبه أهل الإلحاد وعباد الأصنام إلى غيره من الطبائع أو الأفلاك أو غير ذلك مما ينسبه أهل الضلال إلى غير ذي العظمة والجلال. وجعل فاصلة الخامسة {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} لما كانت خاتمة الآيات السابقة، وكانت المحاججة بكل ما ذكر في جميع الآيات المتناسقة - فطلب منهم البرهان على ما يخالف تلك الحجج أو شيئاً منها، أو يبين صدوره عن شيء مما أشركوا به تعالى إن كانوا صادقين في دعواهم إلهية الأصنام مع الله تعالى جل وعلا، أو حصول نفع مما أشركوا به سبحانه وتعالى، وأتى بـ «إن» المفيدة تبعيد بل استحالة صحة ما زعموه، ولم يأتي بـ «إذا» وغيرها من حروف الشرط أو التعليل لما كانت لا تفيد ما تفيده «إن» من التبعيد والاستحالة، وجعل كل فاصلة مسبوقة بقوله: {أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} لأنه نتيجة ما ذكر فيها من الحجج على إثبات إلهيتة تعالى ونفي الإلهية عما سواه، والاستفهام إنكاري يفيد الإنكار عليهم في إثبات إله معه تعالى، وأدخله على النكرة ليعم نفي الإلهية عن كل شيء يدعون ثبوتها له معه تعالى، فكأنه قال: أءله مع الله بل لا إله إلا هو تعالى