مسألة: [الرسول ÷ أفضل البشر]:
  يعص الله تعالى البتة، ومن زادت طاعته، ومن كان معلماً لغيره - فهو أفضل ممن ليس كذلك.
  ولنا أيضاً: قوله تعالى: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ}[الأنعام ٥٠]؛ إذ لا معنى لنفي مرتبة الملائكة عنه # في الفضيلة مع كونه فوقها(١) فيها؛ إذ المعلوم أنه ليس بمَلَك، فلا يصح في خطاب الحكيم قصد نفي كونه مَلَكاً، وإنما يصح قصد نفي كونه ÷ في رتبة الملك أو أفضل.
  وقوله تعالى: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ}[الأعراف ٢٠]، أي: إلا لئلا تكونا مَلَكَين، أو كراهية أن تكونا مَلَكَين، والمعنى أن الله تعالى حكى عن إبليس اللعين في تغريره على آدم وحواء أن الله تعالى إنما نهاهما عن الأكل من تلك الشجرة لئلا يبلغا درجة الملائكة في الفضيلة والتعظيم والتقرب إلى الله تعالى، فلو أكلا منها لبلغا تلك المرتبة، هكذا استدل بالآية أصحابنا رحمهم الله تعالى، وفيه نظر؛ لأن ذلك حكاية عن قول إبليس لعنه الله تعالى، ولا يتم الاحتجاج إلا مع التقرير من الشارع، فيحتاج إلى إثباته، ومجرد ترك تقبيح القول لا يدل على صحته إذا وقع ممن علم ضلالته.
  ويمكن الجواب: بأن ترك إنكار القول الباطل لا يجوز على الحكيم من أي قائل كان، والله أعلم.
  ولنا أيضا: ما روي من الحديث القدسي: «ما ذكرني عبد في ملأٍ إلا ذكرته في ملأٍ خير من ملائه» أو معناه، مع أن المعلوم أن المؤمنين من الصحابة كانوا يذكرون الله في محضر رسول الله ÷، فهو من جملة الملأ المفضل عليهم الذين ذكر الله تعالى فيهم، فاقتضى تفضيل الملائكة $.
(١) الضمير في «فوقها» يعود إلى مرتبة الملائكة، والضمير المجرور في «فيها» يعود إلى الفضيلة.