الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

مسألة: [الأنبياء $ معصومون]:

صفحة 596 - الجزء 1

  وأما ما احتج به المخالف من سجود الملائكة لآدم $، وكونهم كانوا جنداً لنبينا ÷ في يوم بدر ونحوه - فلا حجة فيه؛ لأن السجود لله تعالى وإن استقبل به آدم فذلك كاستقبال الكعبة، ولم يكن رسول الله ÷ آمِراً على الملائكة، وإنما أمرهم تعالى بنصرته ونصرة من معه وتأييدهم؛ إعزازاً لدينه، وإكراماً لنبيه ÷.

  وقد زعم بعض المتأخرين ممن أقعدته العصبية وضعف الهمة عن النظر في هذه المسألة أن الخوض فيها فضول وبدعة لا ثمرة لها، وزخرف هذا القول بأن الملائكة والأنبياء $ لا تنازع بينهم، وأنهم متفقون من هو الأفضل.

  وهذا كلام ساقط لا يلتفت إليه، وسببه التقصير والنفور عن علم الكلام، وإلا فالمعلوم عقلاً أن العلوم كلها حسنة، وأن ما فهم من تدبر كتاب الله وسنة رسول الله لا يسمى بدعة، ولا يقال: لا ثمرة له، وأقل ثمرة لهذه المسألة لو حلف رجل بطلاق أو عتاق أو نذر وعلق ذلك بأفضلية أحد الصنفين على الآخر ترتب عليهما البر والحِنْث.

  فأما قوله: إن الملائكة والأنبياء $ لا تنازع بينهم الخ، فمعلوم، ولكن مقتضى الخلاف في هذه المسألة اتفاقهم على تفضيل الملائكة $ عند أئمتنا ومن وافقهم، وعلى تفضيل الأنبياء $ عند المخالف، فما في هذا القول من حجة لذلك الزاعم، بل هو مجرد مغالطة من ذلك الواهم.

مسألة: [الأنبياء $ معصومون]:

  لا خلاف في امتناع الكفر على الأنبياء $ وعدم تجويزه منهم، إلا ما حكاه القرشي ¦ عن بعض الخوارج أنهم جوزوا صدوره منهم. وأما غيره من سائر الكبائر فكذلك عند أئمتنا $ وجمهور المعتزلة.

  وقالت الحشوية: تجوز عليهم الكبائر قبل البعثة وبعدها، ولا تشترط عصمتهم في الحالين.