الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

مسألة: [الأنبياء $ معصومون]:

صفحة 597 - الجزء 1

  وقيل: تجوز عليهم قبل البعثة لا بعدها، وحكى هذا النجري ¦ عن الأشعرية وأبي الهذيل، وحكاه القرشي في المنهاج عن الأشعرية وأبي علي.

  واتفقت العدلية وجمهور المجبرة على تنزيههم عن الكذب ولو فرضناه صغيراً؛ لقدحه في التبليغ.

  قال أصحابنا: الأنبياء $ معصومون عن ثلاثة أنواع من المعاصي: الكبائر جميعها، وما يتعلق بالتبليغ ويقدح في الوحي، كالكذب ولو في غيره، وكالسهو والنسيان والغلط فيما يتعلق بالوحي لا في غيره، فإنهم منزهون عن السهو ونحوه فيما يتعلق بالوحي وإن لم يكن معصية، وإلا لما وثقنا بما بلغوه إلينا، والثالث: ما فيه خسة ودناءة وسقوط مروءة؛ لتأديته إلى التنفير عنه وعدم القبول منه.

  وما عدا ذلك من سائر الصغائر فهو جائز عليهم على خلاف بين أئمتنا $ في كيفية صدوره منهم، فقال الإمام المهدي # وغيره من العدلية: سواء صدرت منهم عمداً أو سهواً أو تأويلاً.

  وقال القاسم بن محمد # وغيره من العدلية: لا يجوز منهم تعمدها مع العلم بتحريمها، بل لا تقع منهم إلا سهواً أو لتقصيرهم في النظر في حكمها، ومن ذلك خطيئة داود #؛ حيث قَدَّم أُوريا في الحرب ليتزوج امرأته إن قتل، أو لنسيان النهي عنها، ومن ذلك خطيئة آدم #؛ لقوله تعالى: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}⁣[طه ١١٥]، أو لخطأ في الاجتهاد بعد النظر، ومن ذلك خطيئة يونس #؛ حيث ذهب مغاضباً من قومه، وظن أن الله غير مؤاخذ له في ذلك، وقصة نبينا محمد ÷ مع الأعمى؛ حيث رجح الاستماع والمحاورة مع الملأ من قريش على ذلك مع الأعمى، مع أنه مسترشد وأولئك معاندون غير مسترشدين فكان الأعمى أولى بالالتفات إليه.

  حجة المهدي # ومن معه أن الله تعالى قد حكى عن الأنبياء $ ما حكاه من المعاصي، والأصل العمدية، ولا تنفير في فعل الصغائر، وإنما التنفير في فعل الكبائر وما فيه خسة.