الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في المسائل التي يجب عل المكلف معرفتها واعتقادها في القرآن الكريم

صفحة 606 - الجزء 1

  كلام الله تعالى، بل كان يدين ويخبر بكونه كلام الله تعالى على جهة الحقيقة. ويزيده وضوحاً أنه كان يقول تارة: كلام الله، وتارة قول الله، وتارة آيات الله، وتارة كلمات الله، وتارة من عند الله، وكلها مؤدية معنىً واحداً وهو أنه كلام الله، ولو أمكن حمل لفظة كلام الله على المجاز لما أمكن في سائرها، وهذا أصل أول من أصول هذا الدليل.

  (و) الأصل الثاني: ما ذكره # بقوله: و (هو ÷ لا يدين إلا بالحق، ولا يخبر إلا بالصدق) إجماعاً بين المسلمين، والإجماع حجة قطعية، لكنه # استظهر على ذلك بقوله: (لأن ظهور المعجز على يديه) ÷ (قد استأمن وقوع الخطأ فيما يدين به، ووقوع الكذب فيما يخبر به) قوله: «قد استأمن» فيه استعارة؛ حيث إنه شبه المعجز نفسه أو شبه ظهوره على يديه ÷ بإنسان طلب الأمان من الوقوع في الخطأ والكذب، ثم حذف المشبه به وأتى بما يناسبه وهو طلب الأمان، فهو استعارة بالكناية أصلية إن كان التشبيه راجعاً إلى نفس المعجز، أو تبعية إن كان راجعاً إلى ظهوره، وأردنا بالظهور الحدوث والوقوع، دون المصدر فمن قسم الأصلية. وعبارة المنصور بالله #: لأن ظهور المعجز على يديه قد أمننا. وفيه من الاستعارة ما في كلام المؤلف #.

  فثبت بما ذكرنا أن القرآن العظيم كلام الله، مع أنه لا قائل إن القرآن كلام غيره تعالى إلا الكفار المكذبين للرسول القائلين: إنما يعلمه بشر، والقائلين: إنه تَقَوَّلَه من تلقاء نفسه، غير أن المخالفين لنا في هذه المسألة زعموا أنه إنما أطلق عليه أنه كلام الله مجازاً لا حقيقة، فأما كلامه تعالى الحقيقي فإنما هو الصفة المعنوية القديمة القائمة بذات الباري تعالى عند الأشعرية والكلابية من المجبرة.

  وقالت المطرفية: بل كلام الله معنى في نفس الملك الأعلى المسمى ميخائيل.

  واتفقت الثلاث الفرق أن هذا المتلو بين أظهرنا يقال له: كلام الله تجوزاً لا حقيقة، إلا عن بعض الأشعرية: أنه حقيقة مشتركة بينه وبين المعنى النفسي.