الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في المسائل التي يجب عل المكلف معرفتها واعتقادها في القرآن الكريم

صفحة 608 - الجزء 1

  شيء واحد فمدلوله شيء واحد، واللازم باطل ضرورة فكذا الملزوم، وإن كان من قبيل الماهيات المختلفة الأجزاء التي تدخلها الجنس والنوع والفصل والجزء صح اختلاف المدلول باختلاف تلك الأجناس والأنواع والفصول والأجزاء بحسب الدلالة الوضعية اللغوية فيما مرجعه إلى التسمية والتواضع، أو الدلالة العقلية فيما مرجعه الكل، أو الجزء، أو اللزوم، أو الجواز، أو الاستحالة، أو الاستحقاق، أو عدمه، أو التسبيب أو عدمه، وحينئذ فيكون الكلام النفسي محدثاً لاشتماله على الاختلاف الذي لا يوقف على نهايته ولا يحيط به علماً إلا الله تعالى. قال القرشي ¦ تعالى بعد ما حكى كلام الكلابية وما ألزمهم به أصحابنا: ولما رأت الأشاعرة وقوع هذا الإلزام قالوا: «هو عبارة كلام الله»؛ لينفصلوا عن هذا الإلزام، وما علموا أنه لازم لهم أيضاً؛ لأن العبارة لا بد أن تكون من جنس المعبر عنه، وإنما فصل أهل اللغة في التسمية بين العبارة والحكاية من حيث إن الحكاية ترد بلفظ المحكي، والعبارة ترد بلفظ غير لفظ المعبر عنه.

  قلت: ولتسليم أن أهل اللغة فصلوا بينهما لم يتضح الجواب، وإن فرض اتضاحه فليس بمقنع؛ إذ يقول الخصم بعد ذلك فالعبارة مختلفة والمعبر عنه غير مختلف؛ فلا يلزم حدوثه، فالأولى في الجواب عليهم ما ذكرناه في الرد على الكلابية بأن يقال: فالمعبر عنه وهو الكلام النفسي لا يخلو: إما أن يكون من قبيل الماهيات البسيطة الخ، ومثل كلام الأشعرية كلام المطرفية: إن هذا المتلو عبارة عن كلام الله تعالى.

  ويقال لهم الجميع: إذا كان هذا الذي نتلوه بين أظهرنا حكاية كلام الله تعالى أو عبارة عنه فأخبرونا من الحاكي له ومن المعبر؟ ومن قال الحكاية والتعبير أولاً مبتدأً ومنشئاً؟ ومن قال ذلك مقتدياً ومحتذياً؟ فإن قالوا: الحاكي والمعبر ابتداءً وإنشاءً هو الله تعالى ثبت أنه كلام الله تعالى حقيقة، ولم يبق طريق إلى العلم بالمعنى القديم إلا التمذهب، أو يقولوا: إن الكلام يعبر به عن المعاني وتحكى