الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 21 - الجزء 2

  يكون في سبيل الله إلا إذا كان مع الإمام أو مدافعة عن النفس، ولأن الله تعالى وصف القوم بصفة هي في أمير المؤمنين والحسنين $ موجودة قطعاً بإجماع الأمة، وهي كونه ø يحبهم ويحبونه، وليست في أبي بكر وعمر إلا بدعوى الخصم، ولأنه تعالى وصف القوم بكونهم {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}، وهذا الوصف متحقق في أمير المؤمنين والحسنين $، غير متحقق في أبي بكر وعمر مع ما روي عنهما من التهديد لأمير المؤمنين وغيره ممن امتنع من بيعة أبي بكر من بني هاشم وسائر المؤمنين من المهاجرين والأنصار، كما ذلك مسطور في كتب التواريخ والأخبار، ولا بد يمر في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى بعض من ذلك.

  لا يقال: فقد قلتم: إنها في علي # خاصة، وهذا يناقض ما ذكرتم من الخصوصية.

  لأنا نقول: إن المراد بالخصوصية عدم دخول أحد من المكلفين في الآية حال نزولها غير علي #، فيخرج عنها جميع الصحابة لا نفس الحسنين وذريتهما الأئمة الهادين بهديهما، فليس ثمَّ دليل على إخراجهم، بل لا يبعد أن المراد بالعدول إلى صيغة الجمع هو إدخالهم، ويدل عليه ما تقدم {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}، وما ذكر من الأوصاف المذكورة: يحبهم ويحبونه إلى آخر ما ذكر.

  لا يقال: فالحسنان @ وكذلك ذريتهما $ لم توجد فيهم تلك الصفة التي اختص بها أمير المؤمنين #، وهي إخراج الزكاة حال الركوع.

  لأنا نقول: حصولها من أبيهم كحصولها منهم لما كانوا راضين بذلك، فإن ما فعله الآباء ينسب إلى الأبناء، وذلك شائع كثير إذا كان الأبناء يرضونه، ومنه ما أسنده الله تعالى إلى اليهود الموجودين في عصره ÷ من قتل الأنبياء $ في قوله: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}⁣[البقرة ٩١]، فثبت بهذا