[بقية الباب الثالث]
  أنه لا مانع من أن السر والنكتة والحكمة في العدول إلى صيغة الجمع إلحاق ذرية علي # من الحسنين به #. يزيده وضوحاً أنه أتى بـ «سوف» التي تدل على المستقبل مع التراخي لتناول ولاة الأمر من ذرية علي # إلى منقطع التكليف؛ لأن الخطاب في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} للصحابة ولمن بعدهم إلى منقطع التكليف، والقصد من الارتداد هو الارتداد عن الحق الذي سيفارقهم الرسول ÷ عليه، سواء كان إلى كفر أو إلى فسق وبغي، وهذا هو المناسب لاتصال آية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ} بالآية التي قبلها؛ لأنه ينشأ من تلك الآية السابقة لما ذكر فيها من التهديد عن الارتداد عن الحق والوعيد عليه بإتيان قوم صفتهم ما ذكر سؤال، وهو أن يقول قائل: فمن الذي تجب علينا متابعته والاقتداء به وبفعله عند الاختلاف بين الأمة في ذات بينهم؟ فأجاب عن هذا السؤال الناشئ: إنما وليكم الله ورسوله والقوم الذين آمنوا، الذين فيهم صفة لا توجد في غيرهم، وهي إيتاء الزكاة حال الركوع، وهذا واضح لمن نظر فيه بعين البصيرة.
  وأما حمل المخالف ما في الآية السابقة على أبي بكر وعمر، مع أنه مسلم نزول الأخيرة في علي #، وكون المخاطب بهما معاً هم المؤمنون لا غيرهم فلا تناسب بين الآيتين، بل المعنى في ذلك متنافر، والتنافر من عيوب الكلام المخلة بفصاحته، ولأنه لا يتأتى معنى «سوف» فيهما وذريتهما كما تأتى في علي # وذريته؛ لأنه ليس في ذريتهما من قام بالإمامة أصلاً، إلا أن عمر بن عبد العزيز ينتسب إلى عند عمر بن الخطاب من جهة الأم، وولي مدة يسيرة، والمقصود من الكلام هو أن يكون أئمة هادين ما بقي التكليف، فلا يصح أن يكونا هما المرادان بذلك، فتأمل.