[بقية الباب الثالث]
  حينئذ ليس في القتال بينهم والاختلاف من المفسدة مثل ما يكون منها في القتال عقيب وفاة الرسول ÷؛ لذلك أمره ÷ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
  فهذان الوجهان كلاهما حكمة باهرة وسر عظيم في العدول إلى صيغة الجمع؛ ولهذا ذهب كثير من أئمتنا $ وأتباعهم الأعلام إلى أن النص على أمير المؤمنين خفي؛ إذ لا مصلحة في وروده جلياً، لكنه عند النظر فيه يعلم المراد منه وهو إثبات الإمامة قطعاً؛ لذلك أجمعوا أن إمامته # قطعية.
  فأما قول كثير من الأصحاب رحمهم الله تعالى عند التكلم على صيغة الجمع، واقتصارهم على قولهم: «وورود اللفظ بصيغة الجمع جائز»، من دون بيان الوجه الذي لأجله جاز استعمال صيغة الجمع للمفرد فغير سديد ولا مقنع للخصم، ولا مفيد للمسترشد إلا على جهة التقليد، مع أن ذلك لا يجوز في اللغة إلا لنكتة من تعظيم المتكلم نفسه أو المخاطب المفرد؛ بتنزيل النفس أو المخاطب بمنزلة الجمع، أو تستحيل الحكم اللازم لفعل فاعله المفرد على من شاركه بالرضا، كما أسند قتل عاقر الناقة إلى ثمود مع أن قاتلها ليس إلا وحداً منهم، فأما من دون نكتة مسوغة فلا يصح؛ إذ في ذلك نقض قواعد العربية التي ينبني عليها استنباط الأحكام الشرعية، والله أعلم.
  وأما الطرف الثاني: وهو في بيان تواتر نزولها في أمير المؤمنين # فقد قال ابن مؤمن الشيرازي: لا خلاف بين المفسرين أنها نزلت في علي #. وقال الإمام الناطق بالحق أبو طالب # في كتابه زيادات شرح الأصول ما هذا لفظه: ومنها النقل المتواتر القاطع للعذر أن الآية نزلت في أمير المؤمنين #. ونقل ذلك الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة @ في الشافي بطرق كثيرة عن الموالف والمخالف، كرزين العبدي في الجمع بين الصحاح الستة، والثعلبي في تفسيره، وابن المغازلي. وذكره الحاكم الإمام أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن