الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 26 - الجزء 2

  قلت وبالله التوفيق: وناهيك أيها الطالب أن إمامي التفسير الزمخشري والرازي قد ذكرا في تفسيريهما نزولها في علي #، وإن ادعى الرازي مشاركة غيره # له فيها، وكذلك أبو السعود في تفسيره وإن كان بصيغة التمريض، مع أن هؤلاء ممن يخالفنا في هذه المسألة، وكذلك ابن حجر الهيثمي في صواعقه سلم نزولها فيه #، وإنما نازع الشيعة في دعواهم الإجماع، فقال: لا إجماع، ومثله ذكر السيد أحمد دحلان، مع أن هذين الرجلين ممن ينتصر لمعاوية اللعين، وقد ألفا في وجوب موالاته ومحبته، فلو لم يكن نزول الآية في أمير المؤمنين # متواتراً لما أقر به الخصوم.

  وعلى الجملة أنَّا إذا فرضنا أن اتفاق علماء الموالفين والمخالفين على نزولها في أمير المؤمنين # لا يفيد التواتر ارتفعت الثقة بنقل ما هذا حاله، فلا متواتر حينئذ في تفسير القرآن ولا السنة النبوية؛ لأنه لم ينقل خبر ولا تفسير مثل ما نقل من الأخبار والتفاسير في أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين #، إلا نحو حديث الغدير والمنزلة وحديث المحبة والبغاضة له #، ونحو: «إني تارك فيكم»، «وأهل بيتي كسفينة نوح»، وحديث الكساء، ونحو ذلك مما يشمله # هو وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم وسلامه أجمعين إلى يوم الدين.

  وأما الطرف الثالث: وهو في وجه الاستدلال بالآية على إمامة أمير المؤمنين # فعنده معترك النزاع، وفيه مختلف الأنظار بين طائفة الحق وأهل الابتداع، ولو حصل الإنصاف وتركت الأهواء إلى الواجب من الائتلاف لما حصل الاختلاف؛ لأن الأمر في ذلك أظهر من أن يحتاج فيه إلى مزيد عناية في استخراج المعنى المراد من الآية الكريمة لولا تقديم النزاع والخصام في السقيفة على تجهيز سيد كل نسمة شريفة {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}⁣[النساء ٨٣]، لكن لما آثروا ذلك على تجهيز المصطفى، واغتنموا اشتغال أخيه به ÷ صارت هذه المسألة كأنها مما اشتبه