الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 27 - الجزء 2

  أمره واختفى، وليت شعري لو وردت هذه الآية في أبي بكر أو عمر هل يعتريهم شك أن ذلك يفيد ثبوت الأمر له؟ بلى والله ما يعتري ناظراً في ذلك شك؛ إذ لا وجه له، مع أن المعلوم من الدين ضرورة أن الله سبحانه وتعالى ولي الأمر، وكذلك رسوله ÷ هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فلا وجه لصرف الآية عن هذا المعنى وتطلب معنىً آخر لها مع ثبوته في نفسه بالنظر إلى الله تعالى وإلى رسوله ÷ إلا سبق العقد لأبي بكر، فلو كان ذلك العقد عن أمر الله أو رسوله ÷ لكان وجهاً في صرف الآية عن معناها الحقيقي الثابت لله تعالى من قبل ومن بعد، ولرسوله ÷ على الوجه الذي يُكَفَّر منكره، (و) حينئذ فالواجب فيما عطف على الله تعالى وعلى رسوله ÷ أن يحمل على ذلك المعنى؛ إذ لو حمل على غيره لأدى إلى تفكيك النَّظْمِ وضعف الكلام، وإخراجه عن قانون الفصاحة والبلاغة، وذلك لا يجوز في كلام الحكيم؛ لأن الآية (هي) صريحة في أن الولي هو الله تعالى ورسوله بمعنى: ملك الأمر، فيجب أن (تفيد معنى الإمامة) لعلي #، وهذا واضح بلا ريب ولا تردد.

  لا يقال: فيلزم على هذا أن الله تعالى إمام، وكذلك الرسول، وهو معلوم البطلان.

  لأنا نقول: ليست الدلالة مبنية على أن الولي ليس إلا بمعنى الإمام فقط حتى يرد ما ذكره السائل، بل الدلالة مبنية على وجه آخر يسقط معه الاعتراض، بأن قلنا: (لأن الولي هو) في اللغة وعرفها وعرف الشرع (المالك للتصرف) فإن كان مالكاً للتصرف بالخلق والرزق فهو إله، وإن كان بالإرسال والإنباء فهو نبي، وإن كان بغير ذلك فهو الإمام إن كان تصرفه عاماً وليس فوق يده يد مخلوق. وإنما قلنا: إن الولي هو المالك للتصرف. لأنه معلوم من اللغة ومن الشرع، (كما يقال: هذا ولي المرأة وولي اليتيم للذي يملك التصرف عليهما)، ومنه قوله ÷: «أيما امرأة أنكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل»، وقوله