[بقية الباب الثالث]
  تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ}[البقرة ٢٨٢]، أي: مالك أمره.
  وجه آخر في الاستدلال، وهو أن يقال: سلمنا أن الولي مشترك بين معانٍ، فقد صار في عرف الاستعمال غالباً في ملك التصرف؛ فلهذا لا يسبق إلى الفهم من قولهم: ولي الدار وولي الدابة وولي الصبي إلا المالك للتصرف.
  وجه آخر: يجب حمل اللفظ المشترك على جميع معانيه إن لم تقم قرينة معينة لواحد منها فيدخل مالك التصرف في ذلك، وحينئذ فَلَنَا في الاستدلال مسلكان:
  أحدهما: أن نقول: إن القرينة موجودة عقلاً، وهي ما قد علم أن الله تعالى مالك التصرف على عباده، وكذلك رسول الله ÷، فيجب مثل ذلك لعلي #.
  وثانيهما: أن نقول: سلمنا على التنزل عدم القرينة، فيجب حمل اللفظ على جميع معانيه، فيدخل مالك التصرف والمودِّ والناصر، ولا تنافي بين اجتماعها.
  وجه آخر: إما أن يحمل اللفظ المشترك على معنى أو لا، الثاني باطل؛ لأنه إلحاق لكلام الحكيم بالهذر، والأول إما أن يحمل على جميع معانيه دخل مرادنا في ذلك، أو يحمل على معنى معين، فإما أن يكون لأجل قرينة أو لا، الثاني باطل؛ لأنه تحكم، وهو مقتضى مذهب المخالف، حيث حملوه على المودِّ والناصر بلا قرينة، والأول هو ما حملناه عليه، والقرينة ما ذكرناه آنفاً من أن الله تعالى مالك التصرف الخ؛ فثبت بهذه الآية إمامته #.
  يزيده وضوحاً ما ذكره في الإرشاد الهادي، وفي أنوار اليقين، وفي تفريج الكروب، كلهم عن تفسير الثعلبي، وهو في شرح الأساس عن الحاكم الحسكاني واللفظ له، عن أبي ذر الغفاري ¦ قال(١): بينا عبد الله بن عباس جالس على
(١) القائل هو من انتهى إليه السند في تفريج الكروب وهوالربعي. (مؤلف).