[بقية الباب الثالث]
  شفير زمزم يقول: قال رسول الله ÷ إذ أقبل رجل معتم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول: قال رسول الله ÷ إلا قال الرجل: قال رسول الله ÷، فقال ابن عباس: سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله ÷ بهاتين وإلا فصمتا، ورأيته بهاتين وإلا فعميتا وهو يقول: «علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله»، أما إني صليت مع رسول الله ÷ يوماً من الأيام صلاة الظهر فسأله(١) سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله ÷ فلم يعطني أحد شيئاً، وعلي كان راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي ÷، فلما فرغ النبي ÷ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: «اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً، اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك، اللهم فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أخي، اشدد به أزري»، ولفظ الإرشاد والتفريج: «ظهري»، وهو في أنوار اليقين كذلك، وفيه زيادة: «وأشركه في أمري»، ثم اجتمعت روايتهم. قال أبو ذر: فوالله ما استتم رسول الله ÷ الكلام حتى هبط عليه جبريل # من عند الله وقال: «يا محمد، هنيئاً لك ما وهب الله لك في أخيك، قال: وما ذاك يا جبريل؟ قال: أمر الله أمتك بمولاته إلى يوم القيامة، وأنزل عليك قرآناً {إِنَّمَا
(١) في رواية التفريج: «فسأل» من دون ضمير. هامش (أ).