الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 34 - الجزء 2

  قلنا: هذا باطل من وجهين:

  أحدهما: المقابلة، وهو أن نقول: قد بينا بالبرهان البين أن هذه الآية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ} من أقوى الدلائل على إمامة علي #، فلو دلت الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} الآية على إمامة أبي بكر بعد الرسول ÷ لزم التناقض بين الآيتين، وذلك باطل، فوجب القطع بأن الآية المتقدمة لا دلالة فيها على أن أبا بكر هو الإمام بعد الرسول ÷.

  ثانيهما: النقض لما زعمه من البرهان البين في الآية المتقدمة على إمامة أبي بكر من حيث إن المراد بقوله: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} هو أبو بكر، ومن حيث إنه قاتل أهل الردة ومانعي الزكاة، ومن حيث إن المراد أن جهاده في الإسلام أكمل من جهاد علي #، قال: لأن مجاهدة أبي بكر مع الكفار في أول البعثة، وهناك الإسلام كان في غاية الضعف والكفر في غاية القوة، وكان يجاهد الكفار بمقدار قوته، ويذب عن رسول الله ÷ بغاية وسعه، فأما علي # فإنما شرع في الجهاد يوم بدر وأحد، وفي ذلك الوقت كان الإسلام قوياً وكانت العساكر مجتمعة، إلى آخر ما ذكره.

  فنقول: أما ما ذكرت من أن أبا بكر هو المراد بقوله: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} فلا نسلم لك؛ لأن في الآية صيغة الجمع وأبو بكر مفرد، وقد بينا أنها في علي # وأولاده، سيما وقد ذكرت أنت أن بعض المفسرين حملها على علي #، وذكرت حجتهم من قوله ÷ يوم خيبر: «يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله»، ثم اعترضت الدلالة بأن الحديث آحادي، وأنه لا يصح العمل به عند الروافض، وأنه معارض بالأحاديث الدالة على كون أبي بكر يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ثم لم تأت في أبي بكر حديثاً عن الرسول ÷ بلفظ: «يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»، لا آحادي ولا غيره، وما كان يتم لك الاحتجاج إلا لو وضعت حديثاً في ذلك؛ لأنك لا تجد حديثاً بذلك اللفظ في غير علي # يرويه موالف ولا مخالف، وأما ما