[بقية الباب الثالث]
  استشهدت به أن الرسول ÷ قال: «إن الله تعالى يتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر خاصة»،. وقال: «ما صب الله في صدري شيئاً إلا وصبه في صدر أبي بكر»، فما ذكرت من أخرجهما فضلاً عن سند متصل بالرسول ÷، على أنهما لا يصحان عن الرسول ÷؛ لأنه إن أراد بالتجلي الكناية عن الرضا فلا معنى كونه يتجلى للناس عامة؛ لأن فيهم الكافر والفاسق والمنافق، ولا معنى للرضا عن أبي بكر خاصة. فأما قوله: ما صب في صدري شيئاً إلا وصبه في صدر أبي بكر،. فأظهر بطلاناً؛ لأنه صب في صدر الرسول ÷ الحكمة والنبوة، والعلم بأحوال السماوات والأرضين، وأخبار الفتن بعده، وقصص الماضين وأحوال المعاد، فكيف يصح أن يقول الرسول ÷ ذلك مع بطلانه قطعاً؟! ولعل هذين الخبرين مما وضعه أهل الإلحاد لتفسيد كلام الرسول بما يلزم من بطلان كلامه ÷، أو من الأحاديث المأمور بها زمن معاوية اللعين، حيث كتب إلى كافة عماله: أن لا تدعوا أحداً يحفظ حديثاً في أبي تراب إلا وأتوني بمعارض له في الصحابة. كما ذكره المدائني، وهو في آخر تفريج الكروب عنه، وفي غيره من كتب أئمتنا $.
  وأما ما احتج به من أن أبا بكر قاتل أهل الردة ومانعي الزكاة فقد قدمنا أن القتال لا يكون في سبيل الله إلا إذا كان مع إمام حق أو مدافعة عن النفس، ولم تثبت إمامة أبي بكر ولا هو مدافع بذلك عن نفسه، والمسألة فرعية؛ فلا يصح التوصل بالمسائل الفرعية إلى إثبات المسائل الأصولية القطعية، ولا بفعل أبي بكر إلى تصحيح إمامته، على أنا نقول: إن قتال أهل الردة إن كان الوصي ~ فيمن قاتل أو أمر أو أجاز بطل الاحتجاج؛ لأنه ولي الأمر، وصار أمر أبي بكر في ذلك لغواً إن لم يكن له أثر أو استظهاراً إن كان، وإن لم يكن فيهم ففي جوازه نظر؛ لأن علي # مع الحق والحق معه فحيث تركه # يحتمل أنه تركه لقيام غير الإمام به، ويحتمل أنه لا يجب على الإمام إلا مع تمكنه وهو # غير متمكن حيث لم يصر الأمر بيده، ويحتمل، ويحتمل، ويحتمل.