[العالم محدث]
  آخر تدرك به قائمٌ بالقلب؟ فالذي عليه صاحب الأساس - قدس الله روحه - ورواه عن جمهور أئمتنا $: أنه معنى غيرها تُدْرَك به، فهو بمنزلة البصر في العين تدرك به المشاهدات، فكذلك العقل معنى في القلب تدرك به المعقولات. وحكى عن الإمام المهدي # والمعتزلة: أنه نفس العلم بهذه العشر الضروريات. والأظهر الأول؛ لأنه يلزم على الثاني أن الإدراك بنفس القلب لا بالمعنى القائم بالقلب، فيكون بمثابة أن يكون الإدراك بنفس العين لا بالمعنى القائم بها، وهو خلاف المعلوم، ولا طائل تحت الخلاف، واستيفاء الحجج مذكور في المطولات.
[العالم مُحْدَث]:
  ولَمَّا فرغ # من استدلال الإنسان بأحوال نفسه على حدوثه المستلزم أنه لا بد له من محدث حكيم - أَخَذَ في إرشاد طالب النجاة إلى الاستدلال بأحوال غيره من أصناف العالم، فقال: (وشاهدت الأشياء تحدث) كالحيوانات والأشجار والثمار والأنهار ونحوها (بعد أن لم تكن) وهذا أمر ضروري لا يمكن دفع العلم به عن النفس بشك ولا شبهة، فإنه إذا كان فصل الشتاء وانصرمت ثمار السنة الماضية كانت الأرض حينئذ خلية عن الثمار والزرائع حق السنة المقبلة(١) وما بعدها من السنين، وكذلك الأشجار ينبت منها ما نبت بنفسه، ويغرس ما غرس(٢)، ثم يحصل النمو فيها والتزايد، والثمر فيما يثمر منها، وكذلك الحيوانات تتوالد وتتكاثر، والكل كما ذكر # من قوله: «بعد أن لم تكن». ثم أخذ # في تفصيل الاستدلال بكل صنف من أصناف العالم على حدته فقال: (فرأيت الولد) وهو يعم الذكر والأنثى، مأخوذ من الولادة، فيعم جميع الحيوانات، إلا أن لفظ الولد قد
(١) المستقبلة. نخ.
(٢) ومنها ما يغرس. نخ.