[بقية الباب الثالث]
  إمرة المؤمنين ونصوص لفظ الإمامة والخلافة موصل إلى العلم؛ لأنها وإن كانت أدلة شرعية فقد لحقت بالعقليات في القوة. انتهى كلامه، والمسك ختامه.
  فيلتق الله امرء عرف أن المنقلب إلى الله يوم يُدعى كل أناس بإمامهم، وأن الخصومة بين يديه حين يعلم الظالمون ذل مقامهم.
  والعجب كل العجب من مشائخ الاعتزال حيث دانوا أن الرسول الله ÷ لم ينص على إمام بعده قط، دع عنك مشائخ الأشعرية وغيرهم من فرق الجبرية مع قولهم: بخلق الأفعال، وإن كل شيء بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته، فقد حكموا للكفار بإصابة ما أراده الله منهم واختار، فلينتظروا لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، إنما تفوق سهام الجدال في هذه المسألة، ونحقق أقسام الاستدلال والمجادلة إلى أهل التحقيق والتدقيق في الأصولين أعني المعتزلة كيف أنكروا معنى هذه الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، وقد رأيت أيها المسترشد أن كلها دائرة بين صريح أو ظاهر في الإمامة أو في الوصاية أو في الولاية أو في الخلافة، أو وليكم بعدي، أو الأعلمية أو الأفضلية، فأنكر مشايخ الاعتزال دلالة جميع ذلك، وأصروا على إنكار النص فيما هنالك {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} وبأي آيات الله يمترون، وقد قال شيخنا ¦ في معنى هذا، ولله دره:
  واخصص بتعنيفك كل مسأله ... انفردت بخلفنا المعتزله
  إذ(١) أنكروا من أحمد ما فعله ... يوم الغدير شاله وفضله
  على أولي الأحلام والأخلاف
  قل يا شيوخ العلم والتحقيق ... ما بالكم حدتم عن الطريق
  إلى محل السحق والمضيق؟ ... وردتم الهوى في عتيق
  لما تركتم منهج الإنصاف
(١) في (ب): إذا.