الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 78 - الجزء 2

  لا يقال: وأين مشائخ الاعتزال من هذا الشأن وبينهم وبين الوصي مئتين من السنين والأزمان؟

  لأنا نقول: المعتزلة وإن لم يعاصروا الوصي حتى يحملهم جحدهم النصوص على ما ذكرنا، فهم معاصرون للأئمة الهادين من نسله $ أجمعين، وكانوا آخذين الولايات والرئاسات من طرف الدولتين الأمويين والعباسيين وغيرهم ممن عارض العترة المطهرة، ولا يتم لهم طيب العيش والانتفاع بتلك الولايات والرئاسات إلاَّ بدعواهم صحة الأمر في قريش أو في كل العرب أو في كل الناس على حسب ما يتم لكلٍ مطلبه ويحصل مأربه، ولا يستقيم ذلك إلا بإنكار النص على علي # وذريته المطهرين الكرام، ومن ثمة ترى ابن أبي الحديد قال في إمامة الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش وترجمته له في شرح النهج ما لفظه: وتولى نقابة العلويين في جهة كذا وسنة كذا. فجعل إمامته العظمى نقابة على السادة العلويين ليس إلاَّ!، فأنكر ما هو المعلوم من حاله # من القيام بفرض الإمامة، وتقلد صارم الزعامة، وجهاده للظالمين، ودعائه الخلق إلى طاعة رب العالمين، حتى أسلم على يده من عباد الشجر والحجر ألف ألف مسلم، وقد كان ابن أبي الحديد متولياً من طرف بني العباس، وسمعت من بعض علماء عصرنا الذين تولوا من طرف العثمانيين الأتراك يقول: أما أنا فمذهبي، أو قال: فعندي أنه يصح أن يتولى الأمر والخلافة من قام به من عربي أو عجمي أو سيد أو غيره، وحتى إن في زمننا من لم يتمكن من التولي والرئاسة إلا بأخذها عن الكفار الصِّرْف، والقول بصحة ولايتهم ورئاستهم لَفَعَل، بل قد فعل كثير منهم ذلك، وتوصلوا إلى الرئاسة وأخذها من هنالك، فاعجب ومهما عشت عاينت العجب، فالحكم لله العلي الكبير، وهو نعم المولى ونعم النصير، وإليه المنقلب والمصير.

  قال #: (وأما الإجماع [فإجماع العترة منعقد على ذلك) أي: على إمامة أمير المؤمنين # بعد رسول الله ÷ بلا فصل، وأن إمامة من تقدمه باطلة