[بقية الباب الثالث]
  بمثل هذه الطريقة تعرف نسبة المذاهب إلى أهلها، وبمثل هذا يستدل على أن المعتزلة مجمعون على القول بالعدل والتوحيد، وأما الضرورة في هذا الإجماع فمن ادعاها من أئمتنا وعلمائنا صدقناه، ومن لا يحصل له منا العلم فليس له نفي التواتر؛ لجواز أن يكون فقد الضرورة في حقه لتقصير في البحث، أو لتعذر الطرق التي حصلت لمدعي الضرورة، أو لجواز حصول الضرورة بالإخبار لبعض المكلفين دون بعض، فإن ذلك غير ممتنع؛ لأن العلم الضروري من فعل الله تعالى، فجائز أن يفعله للبعض دون البعض. انتهى.
  وقال شيخنا ¦ في حاشيته على العقد ما لفظه: قوله: وأما الإجماع فإجماع العترة $ الخ، فلا يختلف منهم اثنان، وإذا روي عن أحد منهم كعبد الله بن الإمام شرف الدين @ فليس منهم، وإجماعهم هنا مقطوع، ولا يلتفت إلى ما في البدر الساري، فله مغالطة كثيرة، وقد تقدم رواية القاسم بن إبراهيم #، وهلم جرا إلى خاتمة الأئمة القاسم بن محمد @، كل يروي عن أهله الإجماع. انتهى كلامه.
  قلت: أما عبد الله بن الإمام شرف الدين @ فقد ذكر في آخر شرحه لمقدمة الأثمار ذلك، وصحح إمامة المتقدمين على أمير المؤمنين #، واعترض على أئمة أهل البيت $ في إثباتهم إمامة أمير المؤمنين # بالنص الخفي، وقال: إنه لا معنى للنص الخفي، ثم إنه لم يقدر على إنكار إجماعهم على نفس المسألة، ولا روى عن أحد من أهل البيت $ القول بتقديم المشائخ، بل قال ذلك ترجيحاً واجتهاداً لنفسه، فهو محجوج بالإجماع قبله، فلا يعتد بما هذا حاله، فلا يقدح ذلك في الإجماع السابق قبله، وإلا لزم إبطال جميع الإجماعات من السلف الصالح رحمهم الله تعالى ومن جميع الأمة مهما حدث قول يخالفه، فيؤدي إلى إبطال حجية الإجماع، وهو معلوم البطلان.