[بقية الباب الثالث]
  لأنا نقول: قد تواترت الأخبار من رواية الموالف والمخالف بما يفيد العلم الضروري لمن بحث وأنصف دون من تعامى وتعسف أنه ÷ جمع علياً وفاطمة والحسنين $ مع نفسه الشريفة، ولف عليهم ذلك الكساء، ودعا بذلك الدعاء المقتضي للحصر والقصر بأن أهل بيته إذ ذاك ليس إلا من شملهم الكساء؛ لذلك رد على أم سلمة ^ لما قالت: وأنا من أهل بيتك يا رسول قال: «بلى إنَّكَ على خير»، قالت: فلو قال: نعم لكان أحب إلي، وقد ذكر الحاكم ¦، والإمام القاسم بن محمد @ في مقدمة الاعتصام، والإمام المهدي # في الغايات، والمنصور بالله عبد الله بن حمزة، والمنصور بالله الحسن $ وغيرهم من أئمتنا $ كثيراً من روايات هذا الحديث وطرقه، وذكره من المخالفين ابن حجر في الصواعق المحرقة وغيره من المخالفين، بحيث يعلم من بحث تواتر هذا الحديث، فكان فعله ÷ صارفاً للآية عن ظاهرها، ومبيناً لمراد الله ø منها، وقد قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل ٤٤].
  ومما يدل على ذلك من السنة قوله ÷: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً، فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»، فجعلهم ÷ قرناء الكتاب، وأَمَّننَا مع التمسك بهما من الضلال، وأخبر أنهما لن يفترقا، فيجب أن يكون كل ما قاله آل محمد ÷ حقاً لموافقته الكتاب وعدم مفارقته إياه؛ فثبت بذلك أن قولهم حجة، وهذا الحديث أيضاً متواتر، ورواياته وطرقه مذكورة في بسائط الفن، منقولة عن الموالف والمخالف.
  وقوله ÷: «أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى»، وفي رواية: «هلك»، ورواية: «زخ في النار»، ولا تمثيل يفيد وجوب اتباعهم والحكم على من خالفهم بالهلاك أبلغ من هذه العبارة النبوية، ولا دلالة أجلى منها قوية.