الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[العالم محدث]

صفحة 70 - الجزء 1

  وهي بالعكس من ذلك، وصبا، وهي الآتية من جهة المشرق إلى جهة المغرب، ودبور، وهي بالعكس من ذلك، يجمعها قول الشاعر:

  شملت بشام والجنوب تيامنت ... وصبت بنجد والدبور بمغرب

  وكُلُّ ريح اعترضت بين ريحين كالآتية ممَّا بين المشرق والشام يُقالُ لها: نكبا. قال شيخنا صفي الإسلام ¦: ودلالتها على الله ظاهرة؛ لأن هبوبها حال (وسكونها) حال (بعد) الأول؛ فلابد من فاعل لذلك.

  قلت: وكذلك اختلافها في جهاتها، وشدتها وخفتها، وسرعة (هبوبها) وبطئه، وتارة بالرحمة وتارة بالنقمة، وعاصفة ورخاء، كل ذلك أحوال تفتقر إلى فاعل يفعلها على ذلك الحال دون الآخر، وكذلك اختصاصها بجهة دون جهة، وببلد دون بلد، وبوقت دون وقت، وما فيها من المنافع: من تلقيح الأشجار، وتنسيف الزرع بعد دياسه لاستخراج الحبوب وفصلها عن القشر ونحوه، وتسخيرها في البحر لتجري الفلك بأمره، فسبحان من تنزه عن فعل العبث، وأحاط بكل شيء حكمة وتدبيراً، واستغرق كل شيء إحكاماً وتقديراً، واستوعب كل مخلوق مشيئة وتأثيراً. (و) كذلك (طلوع الكواكب) وهي النجوم (بعد أفولها) بعد أن غربت (وأفولها بعد طلوعها) وتسييرها في الأفلاك، مع اختلافها في سرعة السير وبطئه، وبعضها باهٍ منير، وبعضها واهٍ بيسير، والبعض بتفاوت كثير، وجهاتها في مشارقها ومغاربها، فبعضها في جهة اليمن كسهيل ونحوه، وبعضها في جهة الشام كالقطب ونحوه، وبعضها فيما بين ذلك. وكذلك اختلاف أوقات طلوعها وغروبها في فصول السنة الأربعة، واختصاص كل فصل منها بسبعة نجوم، يختص كل نجم بمنزلةٍ تحلها الشمس ثلاثة عشر يوماً إلَّا الذراع فأربعة عشر يوماً، كل يوم تطلع الشمس وتغرب في درجة متوسطة بين ما قبله وما بعده في القرب إلى الجهة التي تدخل فيها أو ترجع منها من جهتي اليمن والشام حتى تصل إلى الموقف فيها، ثم ترجع كل يوم في درجة حتى تخرج من تلك الجهة وتدخل في الجهة الأخرى حتى