[بقية الباب الثالث]
  إلى قتال الكفار، دون الناكثين والقاسطين والمارقين فهم أهل إسلام، فلا يصح حمل الآية عليهم.
  لأنا نقول: المراد بالإسلام في الآية هو الإسلام اللغوي، وهو الانقياد والاستسلام بالسمع والطاعة، أعم من أن يكون المدعو كافراً أو فاسقاً باغياً من أهل الصلاة، فيقاتل الجميع حتى يسلموا، أي ينقادون ويستسلمون، الأول بالدخول في دين الإسلام وطاعة الإمام، والثاني بترك البغي والانقياد بالسمع والطاعة للإمام، بخلاف الآية الأخيرة فالمراد بها قتال البغاة من المسلمين لا غير؛ لأن أول الآية {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} إلى قوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات ٩]، وهذا واضح لمن أنصف، دون من عاند وتعسف.
  شبهة: قالوا: ورد في الأحاديث النبوية والأخبار المروية ما يدل على صحة إمامة المتقدمين، نحو قوله ÷: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكاً عضوضاً(١)» وقوله ÷: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»، وقوله ÷: «إن لي وزيرين في السماء، ووزيرين في الأرض، أما اللذين في السماء فجبريل ومكيائيل، وأما اللذين في الأرض فأبو بكر وعمر»، وقوله ÷: «إن استخلفتم أبا بكر وجدتموه ضعيفاً في بدنه قوياً في دينه، وإن استخلفتم عمر وجدتموه قوياً في بدنه قوياً في دينه، وإن وليتم علياً ولا أراكم فاعلين وجدتموه هادياً مهدياً، يسلك بكم الصراط المستقيم، ويحملكم على المحجة البيضاء».
  والجواب: عن هذه الأحاديث وغيرها من سائر ما يروونه من الأحاديث التي يتمسكون بها على إمامة الشيخين أو الثلاثة أو تفضيلهم على الوصي من وجوه
(١) أي: يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنهم يعضون فيه عضاً. (نهاية).