[بقية الباب الثالث]
  على أن الأحاديث المروية في فضائل أبي بكر وعمر لا صحة لها، وإنما افتعلها علماء السوء تقرباً إلى الظلمة، وإغاضة لأهل البيت $ وشيعتهم ¤.
  الوجه الرابع: ما رواه علي بن محمد المديني في كتاب الأحداث أن معاوية لعنه الله تعالى كتب إلى عماله في الآفاق: انظروا إلى من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته الذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم، وقربوهم، وأكرموهم، واكتبوا إلي بكل ما يروي رجل منهم، واسمه واسم أبيه وعشيرته، ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه؛ لما كان يفعله معاوية من الصلات والكساء والحباء، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، إلى قوله: ثم كتب إلى عماله: أن الحديث في عثمان قد كثر وفشى في كل مصر وفي كل جهة وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، فإن هذا أحب إليَّ وأقر لعيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله. فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة من مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجَدَّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى شادوا بذكر ذلك على المنابر وألقي إلى معلمي الكتاب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم، إلى آخر كلامه.
  فتأمل أيها الطالب الرشاد وفقك الله تعالى وإيانا هذا الكلام، كيف يصح معه أي حديث من تلك الأحاديث، وما ظنك بالعامة وعلماء السوء المائلين إلى التقرب إلى الظلمة لينالوا من صِلاتهم وحباتهم هل يتركون مجهوداً فيما يفتعلونه من الأحاديث الكاذبة، فإن هذا مما يدل على عدم صحتها، وأقل الأحوال أن لا يظن صدقها، وذلك كاف في إبطال الاحتجاج بها.
  وانظر أرشدك الله إلى مناقب أمير المؤمنين # ومناقب أهل بيته المطهرين $