الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 102 - الجزء 2

  لا يقال: المراد من الحديث الخلافة التي هي على النهج النبوي بالعدل وإقامة الشريعة، بخلاف ما كان من سيرة معاوية وسائر خلفاء الدولتين؛ ولذلك قال ÷: «ثم تكون ملكاً عضوضاً».

  لأنا نقول: إن أريد بقولهم: الخلافة التي هي على النهج النبوي من العدل وإقامة الشريعة مع كونها ثبتت لصاحبها بدليل شرعي فهلم الدلالة على ثبوته لمن تقدم الوصي، وإن أريد بذلك مجرد الخبر عن وقوعها ولم يكن عن دليل شرعي سقط الاستدلال بذلك الحديث.

  رابعها: أن هذا الحديث معارض بما هو أقوى منه وأكثر نقلاً وأشهر رواية، وهو ما رواه جماعة من أهل الحديث الموالف والمخالف من قوله ÷: «لا يزال هذا الدين قائماً ما ولي في أمتي اثنا عشر خليفة»، فالأشعرية ونحوهم يحملونه على الأربعة الخلفاء والحسن # إلى أن سلم الأمر إلى معاوية، ثم معاوية، ثم يعدون تمام الاثني عشر من تخيروه من خلفاء الأمويين والعباسيين على حسب خلاف بينهم في التعيين، كما ذكر ذلك ابن حجر في صواعقه، والسيوطي في تاريخ الخلفاء. والإمامية يحملونه على الاثني عشر الإمام الذين حصروا الإمامة فيهم. وأصحابنا قالوا: إن صح الخبر فمحمول على أنه سيقع اثنا عشر إماماً يكون الدين في أيامهم أقوى ظهوراً وأقوم سبيلاً من ظهوره وقيامه فيما عداهم من إمام من سائر العترة $.

  «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» لا يسلم صحته؛ لمعارضته بأكثر منه، ولأنه ليس إلا من رواية المخالف الجار إلى بدعته، وإن سلمنا صحته على الفرض فالمراد الاقتداء بهما فيما يفعلانه أو يفتيان به العوام من المسائل الفرعية الموافقة للحق. وقوله: «من بعدي» إخبار بأنهما سيكونان بعده، ولا يلزم أنهما خليفتا حق وإماما صدق؛ إذ ليس في اللفظ ما يدل على ذلك، كما في قوله ÷ في علي #: «وهو ولي كل مؤمن بعدي»، وقوله ÷: «وهو