[بقية الباب الثالث]
  وليكم بعدي»، ولأنا قد بينا أن مجرد الوقوع لا يدل على الصحة الشرعية.
  والحديث الثالث: «إن لي وزيرين في السماء ووزيرين في الأرض» الخ مما تفرد بروايته المخالف، وأيضاً فلا حجة فيه لثبوت خلافة الشيخين؛ إذ ليس فيه إلا الخبر بأنهم سيجدونهما على تلك الأوصاف، ولا أمر منه ÷ لاستخلافهم إياهما ولا تقرير، بل فيه ما يدل على الإنكار، وهو قوله ÷ في علي #: «ولا أراكم فاعلين» مع الخبر بأنه # يسلك بهم الصراط المستقيم، ويحملهم على تلك المحجة البيضاء، لأنه إذا كان # يسلك بهم الصراط المستقيم ويحملهم على تلك المحجة البيضاء فقوله:» ولا أراكم فاعلين «إنكار للعدول عنه إلى غيره، فهذا الحديث دليل لنا وشاهد عليهم ببطلان خلافة المتقدم، ولأنه ÷ لم يصفهما بما هو المعتبر من خصال الإمامة كما وصف أمير المؤمنين # بكونه يسلك بهم الصراط المستقيم، ويحملهم على المحجة البيضاء، وبتعليق هذا الوصف عليه والاقتصار على الخبر بوجوده فيه # دونهما يلزم انتفاؤه عنهما، فلا تصح إمامتهما بدلالة هذا الحديث.
  فهذه الشُّبَه التي مر ذكرها معظم ما يتمسك به مدعو النص على خلافة أبي بكر وعمر، وبما قد رأيت من إبطالها يعلم بطلان ما عداها مما يروونه من الأحاديث الآحادية والترهات المروية التي تمسكوا بها على خلافة الثلاثة والفضيلة لهم، ولضعفها وعدم ثبوتها عن النبي ÷ عدل عن الاستدلال بها سائر مشائخ المعتزلة ومحققو الأشعرية، وادعوا الإجماع على خلافة أبي بكر والعقد له والاختيار يوم السقيفة، ثم هو أوصى إلى عمر، ثم هو جعلها شورى بين ستة نصبوا أحدهم، وهو عثمان، فكان ذلك دليلاً على صحة خلافة المتقدمين على علي #، وإذا أردنا التكلم على هذه الشبهة التي يعدونها الحجة القاطعة والبينة الصادعة جعلنا الكلام فيها في طرفين:
  أحدهما: المطالبة بالنقل المتواتر على أنه وقع عقد صحيح بأن حضره كافة