الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 104 - الجزء 2

  الموجودين من كافة الأمة، أو الصحابة⁣(⁣١) منهم وأهل العلم والعقد والحل وصوبهم الباقون، ولم يوجد من أحد منهم إنكار أصلاً حتى يكون إجماعاً صحيحاً شرعياً يمكن أن نخصص به الدلالة القطعية الدالة على ثبوت إمامة أمير المؤمنين، ونخرج منها مدة من وقع له ذلك العقد على تلك الصفة، لا كما ذكره المخالف من قوله: ثم أوصى أبو بكر إلى عمر، وعمر جعلها شورى، فليس ذلك من الدلالة الشرعية في شيء؛ لأنا قد بينا أنه ليس للإمام أن يوصي بالإمامة لأحد بعده، وإنما ذلك خاص بالنبي ÷؛ لثبوت ولايته ÷ على كل الأمة إلى يوم القيامة، بخلاف الإمام فليست ولايته إلا على أهل عصره لا من بعدهم، ويصير الحال في هذه المسألة كتخصيص قوله ÷: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» بزمن أمير المؤمنين #، وإثبات إمامتهما لبعد وفاته #. ونَقْلُ عقد على الصفة المذكورة لأحد المتقدمين لا وجود له في الخارج، وإلا لنقل نقلاً متواتراً ومستفيضاً؛ لوجوب اشتهار ما شأنه كذلك، ولأن المعلوم بلا تناكر بين أهل النقل والأخبار وقوع الشقاق والنزاع والاختلاف يوم السقيفة بين أبي بكر ومن معه وبين سعد بن عبادة الخزرجي ومن معه، وبقي الخلاف بينهما وانعزال سعد ومن معه إلى أن هلك أبو بكر، ثم إلى أن قتل سعد في الشام أيام عمر، وكذلك وقع النزاع والشقاق بين القوم وبين أمير المؤمنين # ومن معه من سائر بني هاشم وطلحة والزبير حتى بايع الزبير كرهاً، وكسر سيفه، ووقع الوعيد الشديد الذي ما عليه من مزيد على أمير المؤمنين # إن لم يبايع، كما سيأتي قريباً نقل ذلك عن الموالف والمخالف، وكذلك وقع الإنكار لذلك العقدِ وتأخيرِ الوصي من خيار الصحابة وعلمائهم،


(١) «أو الصلحاء». ظ.