[بقية الباب الثالث]
  كعمار وسلمان وأبي ذر، كما في قصة الاثني عشر الذين قاموا على أبي بكر لما صعد المنبر، ستة من المهاجرين وستة من الأنصار، ونقموا على أبي بكر تعرضه لهذا الأمر المنيف والمنصب الشريف، وتقدمه على أمير المؤمنين #، القصة بكمالها، وهي مذكورة في كتب أئمتنا $ وشيعتهم فلا نطيل الكلام بذكرها.
  ويرد على هذا سؤال، وهو أن يقال: ولم شرطتم في العقد لأبي بكر وتالييه أن يصدر على الصفة المذكورة، بأن يحضره كل الموجودين من الأمة أو الصلحاء منهم وأهل الحل والعقد مع تصويب الباقين؟ وأي إمام وقع العقد له على هذه الصفة؟ وهؤلاء أئمتكم من لدن علي بن أبي طالب # إلى هذا التاريخ لم يقع لأحدهم عقد على تلك الصفة، فما شأن هذا التحكم في العقد لأبي بكر وتالييه مع أنكم لا تعتبرون العقد والاختيار في ثبوت إمامة الإمام، بل تجعلون طريقها فيمن عدا المنصوص عليه القيام والدعوة، وتقلد أعباء الإمامة، والانتصاب لأمور السياسة والزعامة، فهلا جعلتم إمامة الثلاثة من هذا القبيل، وهو أن كلاً منهم قد قام ودعا وتقلد الأمر، وأجرى الأمور المتعلقة بالأئمة كما يجريها سائر أئمتكم، فأثبتوا إمامة المتقدمين بالقيام والدعوة دون العقد والاختيار، فلا يضرنا مع اعتبار هذه الطريق إلى إثبات إمامتهم عدم وقوعه، وكذلك لا يضر على أصلكم مخالفة من خالف بعد القيام والدعوة مع كمال الشروط، فما وجه الاحتجاج بخلاف من خالف يوم السقيفة أو بعده؟
  والجواب عن هذا السؤال وإن كان ظاهره الجودة والقوة والقدح فيما ذهبنا إليه في هذه المسألة يؤخذ مما مر من المباحث والأصول المقررة في كتب أئمتنا $، وهو أن القيام والدعوة إنما يكونان طريقة إلى إثبات الإمامة فيما إذا لم يكن ثم إمام منصوص عليه، فأما مع وجود المنصوص عليه فليس لأحد أن يقوم أو يدعو، وكذلك ليس لأحد أن يعقد لغيره؛ لما فيه من العدول عن المختار