ذكر السقيفة وما جرى فيها من القول:
  الأوثان، فما آمن به من قومه إلا قليل، والله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله ÷ ولا أن يعزوا دينه ولا أن يدفعوا عن أنفسهم، حتى أراد الله لكم الفضيلة(١)، وساق إليكم الكرامة، وخصكم بالنعمة، ورزقكم الإيمان به وبرسول الله ÷، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز لدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه(٢) منكم، وأثقله على عدوكم من غيركم، حتى استقاموا لأمر الله طوعاً وكرهاً، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داخراً، حتى أثخن الله لنبيه بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه(٣) الله وهو راض عنكم قرير العين، فشدوا أيديكم بهذا الأمر فإنكم أحق الناس وأولاهم به. فأجابوه جميعاً أن قد وفقت الرأي، وأصبت القول وكفى(٤) بعد ذلك ما رأيت بتوليتك لهذا الأمر فأنت مَقْنَع لصالح المؤمنين قال: فأتى الخبر إلى أبي بكر ففزع أشد الفزع، وقام ومعه عمر فخرجا مسرعين إلى سقيفة بني ساعدة، فلقيا أبا عبيدة بن الجراح فانطلقوا حتى دخلوا سقيفة بني ساعدة، وفيها رجال من الأشراف معهم سعد بن عبادة، فأراد عمر أن يبدأهم بالكلام، وقال: خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام، فلما تيسر عمر للكلام تجهز أبو بكر وقال له: على رَسْلِك فستكفى الكلام، فتشهد أبو بكر وانتصب له الناس وقال: إن الله جل ثناؤه بعث محمداً ÷ بالهدى ودين الحق، فدعا إلى الإسلام، فأخذ الله تعالى بقلوبنا ونواصينا إلى ما دعا إليه، فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاماً والناس تبعاً(٥) لنا فيه، ونحن عشيرة رسول الله ÷، ونحن مع ذلك أوسط العرب
(١) في الشافي نقلاً عن الطبري: حتى إذا أراد الله بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة، وكذلك في الطبري.
(٢) في تاريخ الطبري: فكنتم أشد الناس عل عدوه منكم وأثقله على عدوه من غيركم.
(٣) في الأصل: توقاه الله، وما أثبتناه من الشافي وتاريخ الطبري.
(٤) في تاريخ الطبري: ولن نعدوا ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع، ولصالح المؤمنين رضا. ونحو ذلك من الشافي.
(٥) «تبع». ظ.