الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 109 - الجزء 2

  أنساباً، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة، وأنتم أنصار الله الذين آووا ونصروا، وأنتم وزراؤنا في الدين ووزراء رسول الله ÷، وأنتم إخواننا في كتاب الله، وشركاؤنا في دين الله ø، وفيما كنا فيه من سراء أو ضراء، والله ما كنا في خير قط إلا كنتم معنا فيه، فأنتم أحب الناس إلينا وأكرمهم علينا، وأحق الناس بالرضا لقضاء الله، والتسليم لأمر الله ø لما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين وأحق الناس فلا تحسدوهم، وأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة، والله ما زلتم تؤثرون إخوانكم من المهاجرين، وأنتم أحق الناس أن لا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم، وأبعد أن لا تحسدوا إخوانكم المهاجرين على أمر ساقه الله إليهم، وإنما أدعوكم إلى أبي عبيدة وعمر، وكلاهما قد رضيت لكم ولهذا الأمر، وكلاهما له أهل. فقال عمر وأبو عبيدة: ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك يا أبا بكر، أنت صاحب الغار، وثاني اثنين، وأَمرك رسول الله ÷ بالصلاة، فأنت أحق الناس بهذا الأمر.

  ثم حكى مقالة الأنصار للمهاجرين: ولكنا نشفق مما بعد اليوم، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم، فلو جعلتم رجلاً منا ورجلاً منكم بايعنا ورضينا، على أنه إذا هلك اخترنا آخراً من الأنصار، فإذا هلك اخترنا آخراً من المهاجرين أبداً ما بقيت هذه الأمة.

  ثم حكى مقالاً لأبي بكر نحو ما مر، إلى قوله: فقام الحباب بن المنذر بن زيد بن حرام فقال: يا معشر الأنصار، املكوا على أيديكم، فإنما الناس في فيئكم وظلالكم، ولن نجير على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولوا العدد والنجدة، وإنما ينظر الناس ما تصنعون، فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وتقطعوا أموركم، أنتم أهل الإيواء، وإليكم كانت الهجرة، ولكم في السابقين الأولين مثل ما لهم، وأنتم أصحاب الدار والإيمان من قبلهم، والله ما عبد الله علانية إلا في بلادكم، ولا جمعت الصلاة إلا في