[بقية الباب الثالث]
  الحق، وبعضها عن عبد الله بن الحسن الكامل، وبعضها عن أبي جعفر الباقر، وهؤلاء الأئمة $ لا يروون إلا عن آبائهم الكرام حتى تنتهي سنداتهم إلى علي وفاطمة @، وهما المعصومان عن الكذب والدعاوي الباطلة وشهادة الزور والتجرم والتظلم ممن هو محق في فعله ما صنع بهم.
  فتدبر إن كنت ممن يتدبر، وإلا فأعد جواباً للسؤال في يوم المحشر، فصار كل واحد من هذه الأحاديث أقوى وأولى بالترجيح على حديث: «نحن معاشر الأنبياء»، فكيف باجتماعها جميعاً واتفاق معناها معاً على إبطال معنى ذلك الحديث المنكر الذي لم يرو عن غير أبي بكر ولم يُؤثر؟
  فإن قيل: رواه أبو بكر بمحضر جماعة من الصحابة، وهم: عمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص، فصدقوه ولم ينكر أحد منهم، على ما ادعاه قاضي القضاة فيما نقله عنه ابن أبي الحديد.
  قلنا: لم يقل أحد منهم: وأنا سمعته من رسول الله ÷ إن سلمنا صحة ذلك عنهم، وإنما صدقوه تحسيناً منهم للظن بأبي بكر.
  وبعد، فعمر وعثمان ممن هو خصم في هذه المسألة، وطلحة والزبير وسعد لا مناكرة في خروج الأولين على علي # وخذلان سعد له، فإن استند القاضي أو غيره من المنتصرين لأبي بكر إلى رواية هؤلاء أنهم حضروا وصدقوا لم يقبل ذلك؛ لاجترائهم الجميع على أمير المؤمنين وأهل بيته بما هو أعظم من تصديق خصمهم، وإن استند إلى رواية غيرهم من سائر الصحابة أنه حضر وسمع تصديقهم لأبي بكر فالواجب تعيين ذلك الغير وتسميته؛ ليعلم صحة روايته من بطلانها، ثم التهمة باقية بعينها حيث لم يكن لذلك الغير سماع للحديث من رسول الله ÷، وإنما سمع تصديق أولئك لأبي بكر.
  وبعد، فهم عدد يسير لا يستحيل على مثلهم التواطؤ على ذلك التصديق من دون علم لهم أو سماع عن رسول الله ÷، وبعد، فلو قال كل واحد منهم: