الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 183 - الجزء 2

  الحسين بن علوان عن عطية العوفي أنه سمع عبد الله بن الحسن بن الحسن يذكر عن أبيه هذا الكلام، ثم قال أبو الحسين #: وكيف ينكرون هذا من كلام فاطمة & وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة & ويحققونه لولا عداوتهم لنا أهل البيت، إلى آخر ما ذكره في شرح النهج. وهذه الخطبة طويلة شهيرة. ولذكرها في الكتب المذكورة استغنينا عن ذكرها ههنا خشية التطويل، فمن أراد الاطلاع عليها فعليه بتلك الكتب، لكن ينبغي ههنا أن نذكر كلام الزهراء & الذي قالته في مرضها عند أن أتى إليها [نساء]⁣(⁣١) من نساء المهاجرين والأنصار يَعُدْنَها، وقد ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج من رواية أحمد بن عبد العزيز الجوهري، بإسناده إلى فاطمة بنت الحسين السبط @، وذكره أبو العباس الحسني والمنصور بالله عبد الله بن حمزة $ - فقلن لها: كيف أصبحت يا بنت رسول الله ÷؟ فقالت: أصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، لفظتهم بعد أن أعجمتهم، وشنأتهم بعد أن سبرتهم، فقبحاً لفلول الحد وخور القنا وخطل الرأي {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}⁣[المائدة ٨٠]، لا جرم قد قلدتهم ربقتها، وشنت عليهم غارتها، فَجَدْعاً وعَقْراً وسُحْقاً للقوم الظالمين، ويحهم! أين زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين والطِّبّين بأمر الدنيا والدين؟ ألا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من أبي حسن؟ نقموا والله نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله، وتالله لو تكافؤوا عن زمام نبذه إليه رسول الله ÷ لاعتقله⁣(⁣٢) وسار بهم سيراً سجحاً، لا تكلم حشاشه، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلاً نميرًا وفضفاضا تطفح ضفتاه، ولأصدرهم بطاناً قد تحير بهم الرأي غير متحل بطائل، إلا بغمرة الناهل، وردعة سَوْرَة الساغب، ولفتحت عليهم بركات


(١) زيادة من شرح النهج.

(٢) في شرح النهج: لاعتلقه.