الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 187 - الجزء 2

  والإغضاب وأخذ فدك إلى زمن الإمام يحيى بن حمزة @، فنشأ القول منه بتصويب أبي بكر على رواية الأساس، ومن بعض الزيدية كالقرشي صاحب المنهاج، ثم تبعهم على ذلك المهدي # في القلائد وشارحها النجري، وذلك لما اعتمدوا عليه من استنشاق ريح الاعتزال، وعدم الاشتياق إلى مطالعة كتب الآل حتى يظهر لهم إجماع العترة $ قبلهم، واتفاق من سلف من الزيدية على ظلم بضعة الرسول ÷، لو لم يكن إلا اتفاق أمير المؤمنين # والزهراء & في عصرهما لكفى في انعقاد إجماع العترة $؛ لأنه ليس غيرهما من يعتد به في إجماع أهل البيت عند تلك الحادثة إلا الحسنين @، وهما صبيان حينئذٍ، فمنذ بلغا صارا على منهاج أبويهما المعصومين، ولم يخالف أحد منهما أن أبويهما كانا مظلومين.

  وحينئذٍ فقد وقع الاختلاف بين متأخري الزيدية في حكم من تقدم الوصي # وأخذ فدكاً ونحوها من يد فاطمة &، ومنعها إرثها من أبيها ÷ على ثلاثة أقوال:

  الجمهور: على التوقف في حكم هاتين المعصيتين، هل كبيرة فتجب المعاداة والبراءة منهم، أم صغيرة فتجب الموالاة والترضي عليهم؟.

  وذهب بعضهم إلى أنها ملتبسة فتجب الموالاة استصحاباً للأصل، قالوا: لأنا من إيمانهم على يقين فلا ننتقل عنه إلا بيقين. وفي الحقيقة إنما الحكم في حكم هذه المعصية وماذا تبلغ بصاحبها إلى الله تعالى، الذي هو أعلم بكيفية وقوعها من أولئك الأصحاب، وهو العليم بمقادير أجزاء الثواب والعقاب؛ لأنا وإن قطعنا أن ذلك معصية على الجملة فالعلم بكبر المعصية أو صغرها مفتقر إلى دليل آخر قطعي غير الدليل الدال على المعصية إجمالاً، كما هو حكم هذه المسألة في جميع ما وقع من المعاصي التي لم يعلم من الدين ضرورة كبرها، كالشرك بالله تعالى، والسرق، والزنا، وشرب الخمر، وقتل النفس المحرمة، والخروج على الإمام، أو صغرها، كالخطأ والنسيان، وما يصدر من المعصوم، وما وقع لشبهة