الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 195 - الجزء 2

  بخلاف غيره هو والحسنين @، فلا بد من اعتبار ذلك، غير أنه لا يمتنع أن قيامه # بذلك شرط في تحقق كون من خالفه باغياً عليه؛ لأن فعل ما أمره إلى الغير لا يعد منازعاً ولا يتحقق كونه باغياً مما له وجوب في أصل الشرع إلا مع قيام من أمره إليه به.

  فإن قيل: فهم الذين منعوه # من القيام لذلك بسبب ما فعلوه من ثبوتهم على الأمر والعقد لأنفسهم، واغتنامهم الفرصة باشتغاله بشأن أخيه ÷، ولم يكن عدم قيامه إذ ذاك تفريطاً منه وقعوداً عن الإمامة حتى يكون كما ذكرتم فيمن قام بما أمره إلى الغير من الواجبات مع عدم قيامه به.

  قلنا: نعم إن الأمر كما ذكرت من أنهم هم الذين منعوه القيام، واغتنموا الفرصة باشتغاله بسيد الأنام، لكن هذا لا يدفع أن كون القيام شرطاً في تحقيق البغي الشرعي، وفيه ما فيه؛ ولهذا قطع كثير من أئمة الزيدية وشيعتهم الزكية على كبر معصية القوم، وحكموا بفسقهم ووجوب البراءة منهم، بل حكاه القاضي العلامة الشهيد إسماعيل بن حسين هادي جغمان ¦ في العسجد المذاب عن أكثر أهل البيت $، وقال: إن أهل التوقف هم القليل، وإن أهل الترضية أقل من القليل، والله أعلم.

  ثم احتج من ذهب إلى الترضية ووجوب موالاتهم بأنا من إيمانهم على يقين فلا ننتقل عنه إلا بيقين، فيجب استصحاب الحكم الأصلي وهو الإيمان فنحكم فيهم به، ويلزمه وجوب الموالاة والترضية.

  قال الإمام القاسم بن محمد @ في الأساس في رد هذا القول: حصول الالتباس - أي: التباس إيمانهم بسبب تلبسهم بالمعصية - نسخ العلم بإيمانهم في الظاهر، ولا يصح التولي إلا مع العلم بالإيمان في الظاهر بإجماع العترة $، وهذا مع الفرض بأن معصيتهم لم يعلم قدرها وقد علم [قطعاً]⁣(⁣١) تلبسهم بها.


(١) زيادة من شرح الأساس.