[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  فيكم الثقلين»، إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على وجوب دخول معاوية وحزبه تحت طاعة الحسن إن كانوا مسلمين، ثم ختم بتهديده معاوية بقوله #: «وإلا نهدت إليك بالمسلمين»، أي: فحاكمتك إلى السيف؛ عملاً بقوله تعالى: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[التوبة ١٢٣].
  وتأمل جواب معاوية تجده ليس إلا بمحض المغالطة، لم يستند في أمره ورئاسته إلى حجة شرعية، ولا دلالة من العقل قطعية، بل مجرد طلب أن يجرى مجرى أبي بكر من عدم منازعته، وتسليم الأمر إليه، وتعلله بما يراه ويتبع فيه هواه أنه أضبط للرعية، وأحوط لهذه الأمة، ثم المخادعة بقوله: فادخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي. وبذل الأموال للحسن # لمقابل أن يتنحى عن الأمر الواجب عليه القيام به، فهو من باب الإرشاء على إدحاض الحق، وتطميعاً للحسن # أن يبيع الدين بالدنيا، مع أن ما يبذله للحسن # هو في يد الحسن، لكن عدو الله يزخرف قوله الباطل بكل صورة، ويتوصل إلى مرامه العاطل بكل حيلة، كما في قوله: ولك الأمر من بعدي. مع أن نيته خلاف ذلك، وحاشا الحسن # أن يكون طامعاً في مال أو أمر لولا ما وجب عليه من القيام بأمر الأمة، ثم ختم كلامه بما يروم به استخداع الحسن # من قوله: ولك أن لا نستولي عليك بالأشياء، ولا نقضي دونك الأمور، ولا تعصى في أمر أردت به طاعة الله، فلما كان ذلك قبل خذلان أصحابه له مع ظنه # أنهم في يده فيقاوم معاوية لعنه الله كما قاوم الوصي # لم يجبه إليها بمجرد هذه المكاتبة، كما ذلك هو الواجب عليه.
  قال أبو الفرج ¦: وكتب معاوية إلى الحسن # وذكر الكتاب، إلى قوله: متهدداً للحسن # بما لفظه: واحذر أن تكون منيتك على يدي رعاع من الناس، وايئس من أن تجد فينا غميرة، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت، وأجزت لك ما اشترطت، إلى آخر ما ذكره تركته اختصاراً.