[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  لأنفسكم، قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما ترونه يريد؟ قالوا: نظنه والله يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه، فقالوا: كفر والله الرجل، ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاه ومطرفه عن عاتقه، فبقي جالساً متقلداً السيف من غير رداء، ثم دعا بفرسه فركبه وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته، ومنعوا منه من أراده، فقال: ادعوا لي ربيعة وهمدان، فدعوا له فأطافوا به، ومنعوا عنه الناس، ومعهم شوب(١) من غيرهم، فلما مر في مظلم ساباط قام إليه الجراح بن سنان الأسدي فأخذ بلجامه وبيده مِعول، فقال: الله أكبر يا حسن، أشركت كما أشرك أبوك، ثم طعنه فوقعت في فخذه فشقه حتى خالطت إربيته، فسقط الحسن # إلى الأرض بعد أن ضرب الذي طعنه واعتنقه، فخرا جميعاً إلى الأرض، فوثب عبد الله بن الخطل الطائي فنزع المعول من يده فخضخضه وأكب طبيان [بن عمارة](٢) عليه فقطع أنفه، ثم قتلوه، وحمل الحسن # على سرير إلى المدائن وبها سعد بن مسعود الثقفي والياً عليها من قبله، وكان علي # ولاه فأقره الحسن #، حكى هذه القصة عن أبي الفرج، وهي في مقاتل الطالبيين باختلاف يسير. وظاهر هذا أن الانتهاب وما ذكر معه كان قبل وصوله # إلى المدائن حتى حمل على سرير إلى المدائن، وظاهر ما مر عن الحجوري أن ذلك في المدائن، فيحتمل أن الأول نظر إلى بلاد المدائن وناحيتها، وأن هذا نظر إلى نفس المدينة التي بها عامله، فلا تنافي، والله أعلم.
  ثم عاد الكلام إلى خبر قيس بن سعد الخزرجي ¦، قالوا: وكتب معاوية لعنه الله تعالى إلى قيس بن سعد يدعوه إلى مثل ما دعا إليه عبيد الله بن العباس، ويعطيه ألف ألف درهم، فكتب إليه قيس: لا والله لا تلقاني أبداً إلا بيني وبينك الرمح أو السيف. فكتب إليه معاوية: إنما أنت يهودي بن يهودي، تشقي نفسك
(١) أي: أخلاط.
(٢) ما بين المعقوفين من (المقاتل).