الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[المحدث غير المحدث]

صفحة 84 - الجزء 1

  فاعل، وهذا هَوَسٌ ونوع من الجنون:

  بناء بلا بانٍ له وكتابة ... بلا كاتبٍ أين العقول التي تدري؟

  قال النجري ¦ ناقلاً عن بعض الأصحاب: ينبغي أن يُفَصَّل فيقال: إنْ علم أن المحدث حدث مع الجواز بالضرورة كأفعالنا فالعلم بأن له محدِثاً ضروري كما يقوله أبو القاسم، وإن لم يعلم حدوثه مع الجواز بالضرورة فالعلم به استدلالي كحدوث العالم وكحدوث المسببات؛ ومن ثَمَّ أمكن فيها الخلاف. قال: وهذا التفصيل هو الأقرب إلى أصول أصحابنا، وهو المأخوذ من قواعدهم، وهو مختار الإمام #.

  قلت: وهذا يفهم مما سيأتي من استدلال المؤلف # في إثبات صانع العالم تعالى، وإبطال المؤثرات التي زعمها أهل الإلحاد، فتأمل، والله أعلم، فهذا الكلام في الأصل الثاني.

[المحدِث غير المحدَث]:

  وأما الأصل الثالث: وهو أن محدثها غيرها فقد أشار إليه # بقوله: (وأنه غَيرٌ لها) وحقيقة الغيرين: هما كل معلومين ليس أحدهما هو الآخر ولا بعضه. قلنا: «كل معلومين» جنس الحد. وقلنا: «ليس أحدهما هو الآخر» تخرج به الألفاظ المترادفة، فإن اللفظين المترادفين معلومان ولكن أحدهما هو الآخر؛ فليسا غيرين. وقلنا: «ولا بعضه» يخرج الخاص الداخل تحت العام كالإنسان بالنسبة إلى الحيوان فلا يقال: هو هو؛ لتناول الحيوان ما لا يتناوله الإنسان كالفرس، ولا يقال: هو غيره؛ للزوم أن الإنسان ليس بحيوان.

  وقالت المجبرة: بل حقيقة الغيرين: ما يصح وجود أحدهما دون الآخر. وهذا باطل منقوض بالجسمِ والعرض، وبالجسم والتحيز، وبمذهبِهم في خلق الله تعالى أفعال العباد والكسب الذي يزعمونه ويسندونه إلى الإنسان، فإن كل