الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 229 - الجزء 2

  سبب اضطراب الحسن # أن الرجلين المرسلين من جهة معاوية لما أتيا الحسن وهو بالقرب من المدائن فكلماه في الصلح، ثم خرجا من عنده هما ومن معهما من الواصلين بمعيتهما وهم يقولون: إن الله تعالى قد حقن بابن رسول الله الدماء، وسكن به الدهماء والفتنة، وأجاب إلى الصلح، فاضطرب العسكر، ولم يشك الناس في صدقهم، فوثبوا بالحسن # فانتهبوا مضاربه وما فيها، فركب الحسن فرسه وسار في مظلم ساباط، وقد كمن له الجراح بن سنان، الخ ما ذكره في القصة السابق ذكرها بعد وقوع خطبته # المذكورة آنفاً، فلعل أن الحسن # بعد أن خرج من لديه الرجلان ومن معهما خرج إلى المسجد فصعد المنبر كما ذكره أبو الفرج وخطب تلك الخطبة، فخرج بعد ذلك من المسجد وسار على فرسه فكان ما كان من النهب ونحوه، الخ ما ذكر، فلا تنافي بين الروايات. وقد ظهر من جميع الروايات أن أصحاب الحسن # كانوا أخلاطاً، فيهم بقية من الخوارج، وهم الذين قالوا له عند أن ظهر لهم السعي بالصلح قالوا: كفر والله الرجل، ومنهم جراح بن سنان الأسدي لعنه الله، وفيهم من هو في الظاهر مع الحسن وفي الباطن مع معاوية، وهم الذين كانوا يكاتبونه قبل الصلح ويكتمون أمرهم عن الحسن، وفيهم أهل ريب وشك ونفاق يميلون مع كل مائل، وفيهم من كان يؤثر الحياة الدنيا على الآخرة، وهم الذين كاتبهم معاوية، ويكتب إلى الرئيس عليهم: لك أرض كذا وأرض كذا، فيقبلون ذلك، ويعدونه بالخذلان للحسن #، ويرتقبون الفرصة ليثوروا عليه، فلما فعلوا ذلك كتبوا إلى معاوية لعنه الله: أن اقدم، وفيهم الشيعة الخلص، وهم الذين استمروا على ما هم عليه من المحبة والجهاد حتى لم يبق لهم إلا الكف عن القتال وحقن دمائهم عند أن جرى الأمر بالصلح، وهم الأقلون في الناس الأعظمون عند الله تعالى.

  وعلم من هذا الكلام أن الحسن # لم يجب إلى الصلح إلا بعد أن عرف من أصحابه الخذلان والخذلة له، قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة @: لما كان من