[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  رسول الله ÷ يقول: «لا تذهب الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرم(١)، ضخم البلعوم، يأكل ولا يشبع، لا ينظر الله إليه، ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر»، وإنه معاوية، وإني عرفت أن الله بالغ أمره، ثم أذن المؤذن فقمنا على حالب يحلب ناقة فتناول الإناء فشرب قائماً، فخرجنا نمشي إلى المسجد فقال: ما جاء بك يا سفيان؟ فقلت: حبكم والذي بعث محمداً بالهدى ودين الحق، قال: فأبشر يا سفيان، فإني سمعت علياً # يقول: سمعت رسول الله ÷ يقول: «يرد علي الحوض مع أهل بيتي من أحبني من أمتي كهاتين» يعني السبابتين ولو شئت قلت هاتين، يعني السبابة والوسطى إحداهما تفضل على الأخرى، أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر(٢) والفاجر حتى يبعث الله إمام الحق من آل محمد ÷. قال: هذا لفظ أبي عبيد، وفي حديث محمد بن الحسين وعلي بن العباس بعض هذا الكلام موقوفاً على الحسن # غير مرفوع إلى النبي ÷ إلا في ذكر معاوية فقط. انتهى. قوله: «إلا في ذكر معاوية فقط» يعني فإنه مرفوع.
  قلت وبالله التوفيق: فهذا ما تراه أيها الطالب الرشاد من الأخبار والآثار والمكاتبات والمراسلات والجوابات المتعلقة بذلك الصلح، وقد طال بها الكلام، لكن إنما حرصت على نقلها لأنها لا تخلو كلها من فوائد ونكت ومسائل اعتقادية، ودلائل على بطلان نقلها ما تزعمه الأشعرية وغيرهم من فرق الجبرية وأهل الحديث وسائر من يزعم أن ذلك الطاغية صار بهذا الصلح إمام حق وقائد صدق.
(١) السرم: مخرج الثقل، وهو طرف المعي المستقيم، كلمة مولدة. (صحاح). وفي المخطوط: واسع الشؤم، وما أثبتناه من (المقاتل).
(٢) في المخطوط: تشبع، وما أثبتناه من (المقاتل).