الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

هل صلح الحسن # مع معاوية صواب أم خطأ؟:

صفحة 238 - الجزء 2

  شرط؛ لعصمته #، وعدم نقل شيء مما يدل على اختلال شرط، كطرو فساد إحدى الحواس أو نحو ذلك. وأما استدلال الحشوية على ذلك بإجماع الشوكة لمعاوية وإجماع الناس عليه فلم يكن ذلك عن رضاً واختيار، كيف ولم يتم ذلك إلا بعد جمع عدو الله لأجله الجموع العظيمة والآلاف الجسيمة لقتال من لم يبايعه ومن لم يدخل تحت طاعته.

  ومنها: أن معاوية لعنه الله تعالى كان غداراً كذاباً، من الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه.

  أما الغدر والكذب: فلما كتب إلى الحسن # أن قيس بن سعد ومن معه قد بايعني ودخل تحت طاعتي، ولم يكن قد بايعه وصالحه إذ ذاك كما مر نقلاً مفصلاً، وكتب إلى قيس بن سعد: إن الحسن قد صالحني وسلم إلي الأمر. ولم يكن ذلك إلا في النهاية لا حين الحرب قائمة بينه وبين قيس، حتى انخدع كل من الحسن # وقيس |، وظن [كل واحد منهما]⁣(⁣١) أن الآخر قد فارقه وبقي منفرداً عنه⁣(⁣٢)، فاضطر الحسن # إلى المصالحة، واضطر قيس أولاً إلى القتال بغير إمام، بل قتال مدافعة عن النفس هو ومن معه حتى حفظوا نفوسهم، ثم اضطروا إلى الانصراف إلى الكوفة.

  وأما نقض العهد: فلما مر من رواية أبي الفرج لخطبة معاوية لعنه الله تعالى من قوله: ألا إن كل شرط أعطيته الحسن تحت قدمي هذا. وهذه خطبة مشهورة، ويؤيدها ما رواه ابن قتيبة في مخاطبة سليمان بن صرد للحسن # ما لفظه: وزعم على رؤوس الناس ما قد سمعت: إني كنت شرطت لقوم شروطاً، ووعدتهم عدات، ومنيتهم أماني، إرادة إطفاء نار الحرب، ومداراةٍ لهذه الفتنة، فلما أن جمع الله


(١) ما بين المعقوفين من مختصر الكاشف الأمين.

(٢) لفظة «عنه» لا توجد في مختصر الكاشف الأمين.