الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[أن المحدث هو الفاعل المختار سبحانه وتعالى]

صفحة 86 - الجزء 1

  يصح أن تصور نفسها وتخالف بين هيئاتها، بل ذلك من أمحل المحال وأقبح المقال؛ لتأديته إلى أحد باطلين:

  إما وجودها أوَّلاً قبل صورها وهيئاتها وألوانها، وذلك محال؛ لأنا قد علمنا أنه لا يصح انفكاك الجسم وخروجه عن الصور والهيئات والألوان.

  وإما وجودها مُقارِنًا لوجود الأعراض التي هي الصور ونحوها؛ فليس دعوى تأثير أحدهما في الآخر بأولى من العكس، وأيما⁣(⁣١) ادُّعِيَ تأثيره في الآخر فهو محال؛ لأنه تحصيل حاصل. أو يكون وجود الأجسام متأخرًا عن وجود الصور والألوان والهيئات، فهو أدخل في الإحالة؛ لأن وجود الصفة قبل الموصوف بها محال ضرورة؛ فثبت الأصل الثالث، وهو أن محدثها غيرها.

[أن المحدِث هو الفاعل المختار سبحانه وتعالى]:

  وأما الأصل الرابع - وهو أن محدثها ليس إلا الفاعل المختار - فالكلام فيه يقع في طرفين: أحدهما: في إبطال ما يزعمه أهل الإلحاد من التأثير لغير الفاعل المختار. وثانيهما: أنه إذا بطل القول بها جميعها لزم صحة القول بأن المحدث لها ليس إلا الفاعل المختار.

  أما الطرف الأول فقد أشار إليه # بقوله: (ولا يقع ذلك) الإيجاد لأصناف العالم واختلاف صوره وهيئاته (بشيء مما) يزعمه و (يقوله الجاهلون) بالله تعالى وصفاته وعدله وحكمته (من طَبْعٍ) كما تقوله الطبائعية (أو مادة) كقول بعض الفلاسفة، فإنهم يقولون: إن بين الماء والتراب مادة تتولد منها النباتات والأشجار والأثمار (أو فلك) وهو مدار الكواكب، وهو جسم لطيف، وهو الدائرة بين الدائرتين من محلات السماوات وما بين بعضها بعضاً من الفضاء


(١) هكذا في الأصل.