[أن المحدث هو الفاعل المختار سبحانه وتعالى]
  (أو نجم) كما تقوله المنجمة (أو علة) وهي المؤثر لا على سبيل الإرادة والاختيار، بل على سبيل الإيجاب والاضطرار، وهو قول جمهور الفلاسفة (أو عقل) وهو العقل الفعال بزعمهم كما مر حكاية ذلك عنهم (أو روح) يعنون روح الفلك (أو نفس) يعنون نفس الفلك. والظاهر أن هذه الأقوال واحدة؛ لأن مرجعها إلى القول بالعلة القديمة، وإنما يرجع ذلك إلى التفصيل عندهم هل حدث التأثير عنها أو عما ذكر بعدها؟ وقد مر حكاية هذه الأقوال مفصلة في أول الكلام على هذه المسألة، وإنما المراد ههنا معرفة إبطال جميع تلك الأقوال المنهارة، والزُّعُمِ المتكاذبة المتنافرة.
  وقوله #: (أو غير ذلك مما يقولونه) إشارة إلى سائر الأقوال الباطلة والملل العاطلة، كقول الثنوية والمجوس كما مر من حكاية أقوالهم، وكذلك كل من لم يقل بأن التأثير في العالم هو فعل الصانع المختار، وأسند التأثير إلى غيره تعالى، فإن جميع ما عداه باطلٌ؛ لِمَا أشار إليه # بقوله: (لأن ذلك) الذي زعموه مؤثراً كله لا يخلو: إمَّا أن يكونَ من قَبيلِ تأثير الإيجاب والاضطرار - وهو حصول المؤثَّر - بالفتح - عن المؤَثِّر - بالكسر - بلا إرادة ولا اختيار ولا إمكان للانفكاك عنه، كما في كسر الحجر الزجاج، وتأثير النار في الإحراق، وسقوط الجسم الكثيف من أعلى إلى أسفل - أوْ من قَبيلِ تأثير الاختيار والاقتدار وإمكان الانفكاك، بأن كان على وجه إن شاء فعل وإن شاء ترك (إن كان من قبيل المُوجبات) فهو باطل؛ لأنها (لم تخل) تلك المؤثِّرات التي زعموها من (أن تكون موجودة أو معدومة) ولا واسطة بينهما يمكن أن ينصرفوا إليها، والأول (و) هو (الموجودة) يقال فيها: (لا تخلو) إِمَّا (أن تكون قديمة) لا أول لوجودها (أَوْ) تكون (مُحْدَثَة) بأن كان لوجودها أول، فقد خرج من هذا التقسيم ثلاثة أقسام: وهي: الأول: القول بأن تلك المؤثرات