الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 249 - الجزء 2

  العبادة، فقتلته من بعدما أعطيته من العهود ما لو فَهِمَتْهُ العِصَم نزلت من شعف الجبال⁣(⁣١)، أولست المدعي زياداً في الإسلام، فزعمت أنه ابن أبي سفيان، وقد قضى رسول الله ÷: أن الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم سلطته على أهل الإسلام يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم على جذوع النخل، سبحان الله يا معاوية، كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك، أولست قاتل الحضرمي الذي كتب إليك فيه زياد أنه على دين علي كرم الله وجهه، ودين علي هو دين ابن عمه ÷ الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين رحلة الشتاء والصيف، فوضعها الله عنكم بنا منةً عليكم، وقلت فيما قلت: لا تردَّ هذه الأمة في فتنة، وإني لا أعلم [لها]⁣(⁣٢) فتنة أعظم من إمارتك عليها، وقلت فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد ÷. وإني والله ما أعرف أفضل من جهادك، فإن أفعل فإنه قربة إلى ربي، وإن لم أفعله فأستغفر الله لذنبي، وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى، وقلت فيما قلت: متى تكدني أكدك. فكدني يا معاوية فيما بدا لك، فلعمري لقديماً يكاد الصالحون، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك، ولا تمحق إلا عملك، فكدني ما بدا لك، واتق الله يا معاوية، واعلم أن لله كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، واعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبياً يشرب الشراب ويلعب بالكلاب. ما أراك إلا قد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعية، والسلام.

  ولما أجابه المذكورون بذلك كتب إلى سعيد بن العاص: أن لا يحركهم ويدعهم، ويأخذ أهل المدينة بالبيعة ليزيد بغلظة وشدة، ولا يدع أحداً من


(١) في المخطوط: من سقف الجهد، وما أثبتناه من (النصائح الكافية).

(٢) ما بين المعقوفين من (النصائح الكافية).