الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[العالم محدث]

صفحة 88 - الجزء 1

  معدومة. والثاني: القول بأنها موجودة قديمة. والثالث: القول بأنها موجودة محدثة. فإن قيل بأحد القولين الأولين فهو باطل بما ذكره # بقوله: (ولا يجوز ثبوت ذلك) الإحداث والاختلاف (لِعِلَّةٍ قديمة ولا) لعلة (معدومة؛ لأنه لو كان) لعلة قديمة (كما زعموا) أو كان لعلة معدومة - على الفرض لو قال به قائل، وإلا فلا قائل به - فكلا القولين باطل؛ لأنه (كان يلزم) من كل واحد منهما (وجود العالم بما فيه) من الاختلافات والمتولدات، والحيوانات، والأموات، والجمادات، وجميع الأثمار والأشجار، وجميع الحوادث اليومية من نزول الأمطار وكل ما أتى به الليل والنهار، كل ذلك كان يلزم وجوده (في الأزل) وهو ما ليس له قبل ولا يحد بالبعدية، فتكون هذه الأشياء كلها موجودة بما لا أول له، وهو معلوم البطلان؛ لأنا نرى كثيراً منها يحدث بعد أن لم يكن، كنزول الأمطار والثمار ونبات الأشجار وجميع الحيوانات. (و) أيضاً فهو باطل من وجه آخر، وهو أنَّ (في ذلك) القول بأنه لعلة قديمة أو لعلة معدومة (استغناؤه عن) تلك العلة وغيرها من تلك (العلل).

  قال شيخنا صفي الإسلام ¦: يعني إن كانت معدومة فهي كلا علة، فقد وجد في الأزل بلا شيء، وإن كانت قديمة فمعلولها قديم، والقديم مستغن عن العلة، فلزم وجودُ العالَم وجميع الحوادث في الأزل، واستغناؤه عن جميع المؤثرات والعلل إذا كان لعلة أو لعلل قديمة أو معدومة.

  وإن قيل بالثالث - وهو أنه لعلة أو لعلل محدثة - فقد أشار # إلى ذلك بقوله: (ولا يجوز أن يكون ثبوت ذلك) العالَم بما فيه من الاختلاف (لِعِلَّة) واحدة أو لعلل (محدثة) لأنها تكون كلها مفتقرة إلى محدِث، و (لأنها لا تخلو) في نفسها (إما أن يكون) واقعاً حدوثها دفعة واحدة لزم وجود العالم بما فيه كذلك، وقد علمنا في كثير منه أنه يحدث شيئاً بعد شيء، كنزول الأمطار وحصول الثمار