الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 264 - الجزء 2

  الشام فقالوا: أيها الشيخ من أنت؟ قال: أنا أبو سعيد الخدري صاحب رسول الله ÷، فقالوا: ما زلنا نسمع عنك، فبحضك أخذت في تركك قتالنا وكفك عنا ولزوم بيتك، ولكن أخرج إلينا ما في بيتك، فقال: والله ما عندي مال، فنتفوا لحيته وضربوه ضربات، ثم أخذوا ما وجدوا في بيته حتى زوج حمام، وكان جابر بن عبد الله الأنصاري ¥ يومئذ قد ذهب بصره، فجعل يمشي في بعض أزقة المدينة وهو يقول: تَعِسَ من أخاف الله ورسوله، فقال له رجل: ومن أخاف الله ورسوله؟ فقال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «من أخاف المدينة فقد أخاف ما بين جنبي»، فحمل عليه رجل بسيف ليقتله، فترامى عليه مروان فأجاره، وأمر أن يدخله منزله ويغلق عليه بابه.

  قلت: وفي رواية أن جابر ¥ كان ينادي: سمعت رسول الله ÷ يقول: «إن إبراهيم # حرم مكة»، وفي رواية: «إن لكل نبي حرماً، وإني حرمت المدينة من عير إلى ثور، فمن أحدث فيه حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»، قال: ودخل رجل من أهل الشام على امرأة نفساء من نساء الأنصار ومعها صبي لها، فقال لها: هل من مال؟ فقالت: لا والله ما تركوا لي شيئاً، قال: أو لأقتلنك وصبيك هذا، فقالت له: ويحك إنه ولد أبي كبشة الأنصاري صاحب رسول الله ÷، فأخذ برجل الصبي والثدي في فمه، فقالت: يا بني والله لو كان لي شيء لافتديتك، فجذبه من حجرها وضرب به الحائط فانتثر دماغه في الأرض، ولم يخرج حتى أسود نصف وجهه، وصار مثلاً، قال: فبلغ قتلى الحرة يومئذ من قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الناس ألف وسبعمائة، ومن سائر الناس عشرة آلاف، سوى النساء والصبيان، وذكر في موضع آخر أن القتلى من أصحاب النبي ÷ ثمانون رجلاً، ولم يبق بدري بعد ذلك، ومن قريش والأنصار سبعمائة، ومن سائر الناس من الموالي والعرب والتابعين عشرة آلاف، وأمر مسلم بن عقبة لعنه الله تعالى بالأسارى فغلوا بالحديد، وساق ابن قتيبة شيئاً